메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

Guardians of Heritage > 상세화면

2024 WINTER

إحياء تقليد كوري على يد الأب وابنه

وقد اكتسبت شركة الأغذية ديوكهوا التي يقع مقرها في بوسان شهرة كبيرة لإحياء الوصفة التقليدية “ميونغنان جيوت (بطارخ سمك البلوق المملحة)”، مما أعاد ترسيخ مكانة كوريا باعتبارها موطن هذا الطعام الشهي. وقد تم انتقال وراثة الشركة من الأب إلى الابن مع الوصفة.

يقوم جانغ جونغ-سو الرئيس التنفيذي لشركة ديوكهوا للأغذية بتقديم أطباق تحتوي على ميونغنان جيوت (بطارخ سمك البلوق المملحة). من خلال معهد الأبحاث التابع لشركته، سلط جانغ الضوء على تاريخ وقيمة هذا الطبق التقليدي مع تطوير وصفات حديثة تناسب العصر. وبالتعاون مع والده، نجح في إحياء الطريقة التقليدية لإنتاجها التي كانت شبه منسية لفترة طويلة.

يعد سمك البلوق من الأسماك المفضلة لدى الكوريين منذ القدم. يُعرف كيس بطارخه باسم ميونغنان، ويتم تمليحه وتخميره لإنتاج ميونغنان جيوت وهو طبق جانبي تقليدي ظل حاضرا على موائد الطعام الكورية منذ فترة طويلة. وكما يقول المثل، فإن المأكولات البحرية المخمرة والمملحة جيدا (جيوت أو جيوتغال) تعتبر “بابدودوك(سارق الأرز)” لأن نكهتها القوية تجعلك ترغب في تناول المزيد من الأرز. أما القليل من ميونغنان جيوت المتبل بزيت السمسم على ملعقة من الأرز المطبوخ جديدا فيجعل الأطباق الجانبية الأخرى تبدو غير ضرورية. وبالإضافة إلى طعمه الفريد، يستخدم كتوابل مالحة طبيعية تعزز نكهات الأطباق الآسيوية والغربية مثل السندويشات والمعكرونة والمقبلات المختلفة.

نشأت ميونغنان جيوت في كوريا منذ حوالي أربعمائة عام، ثم تم تقديمه إلى اليابان خلال الفترة الاستعمارية. وفي اليابان تم تعديله ليناسب الأذواق المحلية، واليوم تستهلك اليابان ما يقرب من ثمانين بالمائة من بطارخ سمك البلوق في العالم، مما يدفع الكثيرين إلى الاعتقاد أنه طعام ياباني. غير أن السجلات التاريخية تؤكد أنه كان طبقا جانبيا شائعا نشأ خلال مملكة جوسون (١٣٩٢م-١٩١٠م) واستمتعت به الأسر الكورية في جميع أنحاء كوريا، سواء أكانت في البلاط الملكي أم في الأسر العادية.

تعد سونغجيونغوون إلغي(يوميات مكتب الأمانة الملكية) المدرجة ضمن سجل ذاكرة العالم لليونسكو أولَ وثيقة في العالم تشير إلى بطارخ سمك البلوق حيث تذكر أن بلاط جوسون تلقاه كجزية من محافظة غانغوون في عام ١٦٥٢. أما أقدم وصف تفصيلي لطريقة تحضير هذا الطبق فقد ظهر في كتاب “نانهو يوموكجي” وهو موسوعة للمنتجات البحرية كتبها الباحث سو يو-غو (١٧٦٤م-١٨٤٥م) من أواخر مملكة جوسون حوالي عام ١٨٢٠. بعد الحرب الكورية (١٩٥٠–١٩ذ٥٣م)، أصبحت مناطق الصيد الرئيسة لسمك البلوق في محافظة هامغيونغ وجزء من محافظة كانغوون ضمن حدود كوريا الشمالية، في حين أدى الصيد المفرط وارتفاع درجات حرارة البحار إلى استنفاد مخزونات سمك البلوق في الجنوب. اختفى ميونغنان جيوت تدريجيا من المائدات الكورية ليحل محله طبق مينتايكو(mentaiko) وهو بطارخ سمك البلوق على الطريقة اليابانية.

وصفة متجددة

وبفضل شركة مقرها بوسان، أعيد إحياء فن الإنتاج المفقود لـ”ميونغنان جيوت” على طريقة جوسون التقليدية. تأسست شركة ديوكهوا للأغذية في عام ١٩٩٣، وركزت بالكامل على منتجات بطارخ سمك البلوق منذ عام ٢٠٠٠. وكان المؤسس جانغ سوغ-جون(١٩٤٥م-٢٠١٨م) من أوائل من تعلموا طريقة التحضير اليابانية عندما أعيد تقديمها إلى كوريا في السبعينيات. وفي عام ٢٠١١، اعترفت وزارة التوظيف والعمل بجهوده في دمج الطرق الكورية التقليدية مع في الوصفة المستوردة، ومنحته لقب “الحرفي الماهر الكوري”، وهو أول تكريم من نوعه يُمنح لحرفي في قطاع تصنيع المأكولات البحرية.

أظهر جانغ مهارته في اليابان التي تشتهر بمعاييرها الصارمة في صناعة الأغذية، وسرعان ما أنشأ قنواته للتصدير. ما بين أواخر عام ٢٠٠٨ وعام ٢٠١٥، كانت شركته المورد الحصري لمنتجات بطارخ سمك البلوق سيفين آند آي هولدينغز وهي إحدى أكبر الشركات القابضة للبيع بالتجزئة في اليابان معروفة بمتاجرها الصغيرة سيفين -إليفين. كانت هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها سيفين آند آي هولدينغز بإنتاج مينتايكو ذات العلامة التجارية الخاصة للشركة خارج اليابان.

يُعد سوق بوسان الدولي للأسماك الواقع في ميناء غامتشون الذي يقع فيه مقر شركة ديوكهوا للأغذية مركزا رئيسا لتجارة المأكولات البحرية حيث تتم غالبية تجارة سمك البلوق العالمية. مع أن الصيادين الكوريين الجنوبيين لا يصطادون سمك البلوق محليا، إلا أن بوسان ما تزال تلعب دورا مهما كمركز تجاري رئيس بفضل السفن الروسية التي تستخدمها بوابة للتصدير. يتم استيراد جميع بطارخ سمك البلوق المجمدة في السوق العالمية - سبعون بالمائة من روسيا وثلاثون بالمائة من الولايات المتحدة - من قبل اليابان وكوريا.

يقول الرئيس التنفيذي الحالي جانغ جونغ-سو الذي تولى إدارة الشركة بعد وفاة والده إن السر الأول لتحضير أفضل ميونغنان جيوت هو الحصول على بطارخ عالية الجودة ذات قوام متماسك ولون أحمر فاتح. منذ عام ٢٠١٨، نقوم بشراء جميع أكياس بطارخ سمك البلوق الممتازة من جميع أنحاء العالم، مضيفا أن هذا الأمر يثير دهشة شركات الشحن.

يتميز ميونغنان جيوت بأسلوبه التقليدي على طريقة عصر جوسون بفترة تخمير أطول، مما يجعله أكثر ملوحة ويمتاز بقوام أسهل مضغا مقارنة بنظيره الحديث. تعتق البطارخ في أوعية فخارية فاخرة حيث تطور نكهة غنية وعميقة، وعندما يتم تخميره بشكل صحيح تنبعث منه رائحة لطيفة ومميزة تحمل طابعا مالحا ولذيذا.

الحرفيون المهرة

تتم عملية إنتاج ميونغنان جيوت على ثلاث مراحل رئيسة: التذويب والتمليح والتخمير. يتم أولا تذويب أكياس البطارخ المجمدة داخل غرفة يتم التحكم في درجة حرارتها. يلي ذلك تمليحها في محلول ملحي بتركيز معين، وهي عملية تتطلب الخبرات والتحليل العلمي لضبط نسبة الملح والماء وتكييف درجة الحرارة وفقا لحالة البطارخ. تكتسب أكياس البطارخ المملحة نكهتها الخاصة خلال مرحلة التخمير حيث يضاف إليها نبيذ الأرز والملح الإضافي لإنتاج ميونغنان الأبيض. تُستخدم التوابل مثل مسحوق الفلفل الأحمر والثوم المطحون والزنجبيل والملح مرة أخرى لإنتاج نسخة متبلة. يتم تصنيف المنتجات النهائية بناء على الحجم والقوام واللون وشكل كل كيس بطارخ.

يوضح جانغ أن ميونغنان جيوت الممتاز يتميز جدا برائحة المأكولات البحرية المخمرة. وأن السر هو الرائحة المالحة الرقيقة والنكهة التي تنطلق عند فتح البيض في الفم. ويتم تحقيق القوام خلال مرحلة التمليح.

نظرا للطبيعة الدقيقة لبطارخ البلوق، يتم إعداده وفقا لعمليات صحية صارمة، وهو ما جعل شركة ديوكهوا للأغذية تحظى بالاعتراف داخل الصناعة. ومع ذلك، يؤكد جانغ أن الشيء الأكثر أهمية هو العمل مع حرفيين مهرة في إعداد الطعام.

وأضاف قائلا “على الرغم من أن عملياتنا الإنتاجية أصبحت آلية في الغالب، إلا أن تقدير الخبراء ما يزال ضروريا، خاصة عند ضبط درجة ملوحة المحلول بناء على التغيرات اليومية في حالة البطارخ أو تقييم جودة المنتجات النهائية. أما الحرفيون الذين لديهم أكثر من عشرين عاما في الخبرة فهم أهم أصولنا.

بعد أن يتم تمليح بطارخ سمك البلوق وتعتيقها، تخضع لعملية دقيقة من التصنيف والاختيار. وعلى الرغم من أن هذه المرحلة الأخيرة قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى إلا أنها تتطلب خبرة واسعة وحكما خبيرا لضمان الجودة المثالية.

الإرث العظيم

قبل انضمامه إلى شركة ديوكهوا للأغذية في عام ٢٠٠٦ تبعا لرغبة والده، تخصص جانغ في الاقتصاد أثناء دراسته الجامعية وعمل في سيول.

يقول جانغ “في ذلك الحين، كنت مسؤولا عن إدارة الأموال العامة في مؤسسة البيئة الكورية وكنت أخطط للسفر إلى الخارج من أجل الدراسة. لكن والدي الذي لم يكشف قط معاناته، كان يمر بوقت عصيب بعد بناء مصنعنا الخاص. فعندما طلب مني العمل معه لم أتردد ووافقت على الفور”.

وكان التوجيه الأول لوالده هو تطوير السوق المحلية لـميونغنان جيوت حيث كانت الشركة تعتمد بالكامل على التصدير إلى اليابان في ذلك الوقت. لذلك، قضى جانغ ستة أشهر من عمله في اليابان من أجل دراسة نظام الإنتاج المتقدم هناك.

“يستخدم مينتايكو الياباني كمية أقل من الملح ويتم معالجته باستخدام كاتسو داشي [مرق مصنوع من سمك البونيتو المجفف والمدخن] ونبيذ الطبخ. هو أقل ملوحة ولكنه أكثر حلاوة. تم إعادة تقديم طريقة التمليح منخفضة الصوديوم التي نستخدمها اليوم من اليابان وتم تعديلها لتناسب الأذواق الكورية. ومع ذلك، تذكر والدي المذاق التقليدي وكان مصمما على إحياء طريقة التمليح القديمة وتطويرها تجاريا.

في عام ٢٠٠٩، أنشأ الأب والابن معهد أبحاث تابعا للشركة وهو الأول من نوعه في صناعة بطارخ السمك المعالجة. أدت الأبحاث المستمرة في الطرق التقليدية إلى اكتشاف بكتيريا حمض اللاكتيك الطبيعية المتخمرة، مما مكن الشركة من إنتاج نكهات تناسب الأذواق الكورية دون استخدام الألوان الاصطناعية أو المواد الحافظة. عندما تعرض العديد من المصدرين للإفلاس بسبب الانخفاض الحاد في قيمة العملة في عام ٢٠١٢، تمكنت شركة ديوكهوا للأغذية من تجاوز الأزمة بفضل استعداداتها الاستباقية للسوق المحلية. وبعد دراسة مكثفة للوثائق التاريخية، نجحت الشركة في نهاية المطاف في إحياء ميونغنان جيوت التقليدي على طراز جوسون.

يشرح جانغ قائلا “تعتبر عملية تخمير سمك البلوق بلطف فقط باستخدام الملح ومسحوق الفلفل الأحمر والثوم حصرية في شبه الجزيرة الكورية. لا يمكن تحقيق هذا الطعم إلا باستخدام الفلفل الأحمر والثوم المزروعين بالطريقة التقليدية”. تقديرا لمساهمته في إحياء وتطوير وصفة ميونغنان جيوت التقليدية، تم تعيينه عمدةً للمأكولات البحرية الكورية من قبل وزارة المحيطات والثروة السمكية في عام ٢٠٢٢. ويعد الثنائي الأب والابن من عائلة جانغ المثالَ الوحيد الذي حصل كل من الأب والابن على لقب العمدة رسميا في كوريا.

يقول جانغ “بينما تبلغ نسبة الملح لمينتايكو الياباني أربعة في المائة، فإن نسبة الملح لميونغنان جيوت على طراز جوسون تبلغ حوالي سبعة في المائة. إنه أكثر ملوحة وله قوام أسهل مضغا. على الرغم من أنه مالح نسبيا، إلا أن الطعام المخمر بالطريقة التقليدية يكون صحيا وله نكهة أعمق وأكثر تميزا”.

وعند سؤاله عن طموحه الأكبر، رد جانغ دون تردد “صنع أفضل ميونغنان جيوت في العالم”.

لي كي-سوككاتبة
لي مين-هي مصور فوتوغرافي

전체메뉴

전체메뉴 닫기