메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

null > 상세화면

2020 SUMMER

الأسئلة التي تَسْتَبْطنها أفلام
بونغ جون-هو

أن كلا من فيلميْ «الطفيلي» و«مُحَطِّم الثلج» للمخرج بونغ جون-هو الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم يسلطان الضوء على الصراع بين الطبقتين العليا والدنيا، وبين الأغنياء والفقراء. ويشير هذان الفيلمان اللذان وجدا هوى كبيرا في قلوب الناس وشعبية منقطعة النظير في كل أرجاء العالم إلى كيفية استخدام المخرج بونغ الأماكن في أفلامه كأداة للتعبير عن أفكاره وقلقه تجاه القضايا الاجتماعية.

أن الكثير من الأفلام التجارية الكورية تشتهر بالابتكار والتميز إلا أن هناك عددا من الأفلام التجارية الكورية تُعد مبتذلة. حيث استحوذت أفلام المافيا الكوميدية المبتذلة على العرض في دور السينما الكورية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ومنها فيلم يروي قصة زعيم العصابة الذي يلتحق بالمدرسة الثانوية مرة أخرى وفيلم يسرد قصة المدّعية العامة التي تتزوج رجلا من عائلات المافيا الكورية. وأسفر النجاح التجاري الكبير الذي حققته هذه الأفلام عن إنتاج سلسلة من الأفلام المتشابهة في القصة والحبكة لسنوات.

وبالرغم من أن أفلام العصابات فقدت شعبيتها بحلول عام ٢٠١٠، غير أن منتجي الأفلام الكوريين لا يزالون يحرصون على إيجاد قصص مبتذلة أخرى تجذب أنظار المشاهدين لأنها الطريقة الأسهل لإثارة اهتمامهم. على الأرجح أنك تظن أن مشاهدة هذه الأفلام طريقة جيدة لقضاء وقت الفراغ، إلا أنها لا تساهم على الإطلاق في توسيع آفاق التفكير لديك لأن قصصها متوقعة ولا جديد فيها.

أما المخرج بونغ جون-هو فإنه يسلك مسارا مختلفا عن ذلك. ففي أفلامه أشياء تثير فضول المشاهدين أيضا، إلا أنه لا يكتفي بتقديمها بل يستمر في محاولة البحث عن شيء جديد في أفلامه ليكشف مجالا جديدا للإبداع السينمائي. وبذلك، أصبح يحتل مكانة خاصة في صناعة الأفلام الكورية.

كسر التوقعات
بعد أن حصل فيلم «الطفيلي» (٢٠١٩م) على العديد من جوائز الأوسكار في فبراير من هذا العام في أعقاب فوزه بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الذي أُقيم العام الماضي، ازداد اهتمام الناس بما ترمز إليه الأماكن الرأسية التي ظهرت في الفيلم. كما أن الأماكن الأفقية التي ظهرت في فيلم آخر للمخرج بونغ وهو فيلم «مُحَطِّم الثلج» (٢٠١٣م) أصبحت متداولة على الألسن من جديد. ويسلط هذان الفيلمان الضوء على الفقراء من الطبقة الدنيا الذين يحاولون أن يقتحموا الجدران التي تفصل بينهم وبين الأغنياء من الطبقة العليا.

ففي فيلم «مُحَطِّم الثلج»، يتقدم الفقراء المقيمون في الجزء الخلفي من القطار تقدما أفقيا نحو الجزء الأمامي الذي يقيم فيه الأغنياء. وأما في فيلم «الطفيلي»، فأفراد العائلة الفقيرة الذين يعيشون في شقة متواضعة تحت الأرض يتحركون تحركا عموديا إلى سطح الأرض بالتسلل إلى بيت عائلة غنية. ومن الواضح أن هذه العلاقة المكانية التي تظهر في هذين الفيلمين تشير إلى الانفصال بين الطبقتين الدنيا والعليا. ومع ذلك، فإذا أصررنا على وجهة النظر هذه ورفضنا احتمالات تفسيرية أخرى، فلا نستطيع أن نتمتع بآفاق واسعة من الخيال يقدمها التقاء الصور السينمائية بالذكريات الشخصية المختلفة. بعبارة أخرى، فإن أفلام المخرج بونغ تطرح الأسئلة والاقتراحات التي لا يكون لها جوابا واحدا. لذلك، إذا أردنا الاستمتاع التام بمشاهدة أفلامه، فعلينا أن نتجنب أن نكون مقيدين بوجهة النظر الواحدة التي تُطرح واضحة أمامنا.

وفي فيلم «مُحَطِّم الثلج»، تتعرض البشرية للانقراض نتيجة للتغير المناخي الذي يجعل كوكب الأرض مغطى بالثلج والجليد. ويضطر العدد القليل من الناجين للعيش على متن القطار الذي يدور إلى ما لا نهاية حول العالم المغطى بالثلوج. في القطار ينقسم الركاب إلى فئتين حسب الوضع الطبقي الاجتماعي؛ الفقراء يقيمون في الجزء الخلفي والأغنياء يقيمون في الجزء الأمامي. ينتفض الفقراء المقيمون في الجزء الخلفي ضد الأغنياء المقيمين في الجزء الأمامي بسبب المعاملة اللاإنسانية التي يتعرضون لها ويتقدمون نحو الجزء الأمامي من القطار. هذه الفكرة شائعة يمكن رؤيتها بشكل متكرر في الأفلام الأخرى، إلا أن المخرج بونغ أضاف إليها لمسة مبتكرة غير متوقعة بتسليط الضوء على «الجزء الجانبي» من القطار. ففي الوقت الذي يسعى فيه الفقراء إلى التقدم للأمام بفتح الأبواب أمامهم، فإن مسؤول الأمن «نام-غونغ مين-سو» الذي يلعب دوره الممثل المشهور «سونغ غانغ-هو» الذي يقوم بدور البطل في فيلم «الطفيلي» أيضا، يحوّل نظره إلى باب جانبي. فلا نستطيع أن نكتشف مغزى هذا التصرّف ما دمنا مقيدين بالفكرة الظاهرة.

العالم المتغير
القطار يرمز للعصر الحديث. وقد مكّن اختراع المحرك البخاري من الإنتاج الضخم، مما أسفر عن انتقال الكثير من الناس إلى المدن. بذلك، ازدادت أهمية الإدارة الدقيقة للوقت خلافا للماضي حيث كان الناس يخرجون إلى العمل بعد شروق الشمس وينعمون بالراحة عند غروبها.

في هذا العصر الجديد، يتوجب على عمال المصانع أن يلتزموا بالجدول الزمني الذي يحدد ساعات العمل والمناوبة، وعلى القطارات أن تصل إلى المحطات بمواعيدها المحددة. وفي المصانع، تؤدي آلة واحدة مهام مائة شخص، مما يؤدي إلى ازدياد أهمية الآلات وهبوط مكانة الإنسان، فأصبح العمال يؤدون دورا ثانويا يتمثل في صيانة الآلات والحفاظ عليها. بعبارة أخرى، فإن البشرية في القرن العشرين عبدت الآلات وأصبح العالم تحت سيطرة النخبة التي تمثّل الأقلية التي ملكت الآلات، مثلما يشير إليه فيلم «مُحَطِّم الثلج»، حيث الناس من الطبقة العليا يحكمون القطار لأن المحرك المقدّس بحوزتهم، وهذا المحرك لا يشتغل دون أن تلعب كل قطعة فيه دورها في مكانها المحددة.

أصبح العمال يقومون بوظيفة قطع الغيار في الآلات الضخمة كما أشار الممثل الكوميدي الأمريكي المشهور تشارلي تشابلن في فيلمه «الأزمنة الحديثة» (١٩٣٦م). وفي فيلم «مُحَطِّم الثلج» الذي يتناول موضوع الفصل الطبقي، يعمل طفل داخل محرك القطار بديلا لقطعة غيار مكسورة. تصرخ الوزيرة ميسون التي تلعب دورها الممثلة الأمريكية تيلدا سوينتون، أمام المتمردين قائلة «ابقوا في أماكنكم». كما أن مصمم القطار ويلفورد الذي يقوم بدوره الممثل الأمريكي إد هاريس يؤكد «لكل شخص مكانه الخاص».

علاوة على ذلك، تحاول الطبقة العليا التي تحكم القطار السيطرة على عدد الناس والحيوانات بشكل منتظم. وذلك يمثّل الفكرة اللاإنسانية التي تسود في العصر الحديث الذي يهيمن عليه رأس المال الإنتاجي الذي يتمثل بالآلات والمعدات. وقد شهد العالم تغيرا منذ أواخر القرن العشرين حيث انتهى عصر الحرب الباردة التي شهدت صراعات بين الأيديولوجيتين؛ الرأسمالية والاشتراكية الشمولية. كما أن ثورة تكنولوجيا المعلومات استهلت عصرا جديدا حيث تنتقل البيانات الرقمية غير المرئية بكل حرية وتُعد أصلا للثروة والقوة. نتيجة لذلك، انتقلت السلطة من رأس المال الإنتاجي إلى رأس المال والقوة الرقمية، مما أثار تحولا من عصر الآلات إلى عصر المعلومات الذي تمثله شبكة الإنترنت. والآن، يبدو أن الأشخاص المحرومين يكافحون ضد العدو الخفي الذي يتستر وراء الفضاء الافتراضي غير المرئي. بعبارة أخرى، فإن العالم خارج القطار يشهد تغيرا كبيرا في حين لا يزال الفقراء من الطبقة الدنيا يكافحون ضد الظلم على طريقة القرن العشرين.

في فيلم «مُحَطِّم الثلج»، نستطيع أن نجد مشهدا يرمز إلى ذلك؛ يستمر قائد المتمردين كرتيس الذي يلعب دوره الممثل الأمريكي كريس إيفانز بالتقدم إلى الأمام يثبت نظره على الأبواب أمامه، بينما يواصل مسؤول الأمن «نام-غونغ مين-سو» تسليط نظره على الشبابيك الجانبية فتجتذب نظره ندفة ثلج واحدة تطوف في الهواء. تتغير مواقع ندفة الثلج من لحظة لأخرى كأنها تتكيف مع الظروف المحيطة المعقدة مثل اتجاهات الهواء وأنفاس الكائنات المجاورة. وتبدو حركتها مختلفة عن الحركة المباشرة للأمام التي تسود في بداية الفيلم. وتتشابه حركة ندفة الثلج مع حركة الإشارة الرقمية التي هربت من العصر الحديث حيث «لكل كائن مكانه الخاص». هكذا يطرح المخرج بونغ سؤالا يجعل المشاهدين يعيدون التفكير بالفكرة التي يدور حولها الفيلم، وهي «إرادة التقدم إلى الأمام التي لا تُقهر»، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بما يطرأ في العالم الخارجي من تغيرات.

إن أفلام المخرج بونغ تطرح الأسئلة والاقتراحات التي لا يكون لها جوابا واحدا. لذلك، إذا أردنا الاستمتاع التام بمشاهدة أفلامه، فعلينا أن نتجنب أن نكون مقيدين بوجهة النظر الواحدة التي تُطرح واضحة أمامنا.

قوة غير مرئية
تُعد الأماكن الرأسية في فيلم «الطفيلي» أداة للتأكيد على رأي المخرج أيضا. ويمثّل «السُلّم» طُعما يطلقه المخرج لجعل المشاهدين يفكرون بمكانة البشرية في العالم الذي يشهد تغيرا حادا. وفيما يتعلق بشعار الفيلم البسيط «ماذا يحدث عندما تعمل عائلة فقيرة في منزل عائلة غنية؟»، فربما يرى معظم الناس قبل مشاهدة الفيلم أن هذا الشعار يرمز إلى الصراع بين عائلتين؛ واحدة غنية والأخرى فقيرة، إلا أنهم يدركون، أن الصراع في الفيلم يكون بين عائلة فقيرة وعائلة أكثر منها فقرا عندما يصلون إلى النصف الثاني من الفيلم. ولا أحد من العائلة الغنية يدرك ماذا يحدث في منزلهم وتفشل كل من وسائل الإعلام والشرطة في كشف الحقيقة الكامنة وراء الأحداث. هل يعود العالم إلى عصر ما قبل الحداثة، أي عصر «حرب الكل ضد الكل» كما قال الفيلسوف توماس هوبز، في حين ينشغل الأغنياء بلعب دورهم «بإخلاص دون تفكير»؟ يطرح الفيلم سلسلة من الأسئلة المتعلقة بقضايا التوظيف، مما يذكّر المشاهدين بالصراعات غير المرغوب فيها بين العمال بدوام كامل والعمال بدوام جزئي، وبين العمال المفصولين من وظائفهم وغيرهم، وبين أصحاب الأعمال الصغيرة والعمال بدوام جزئي.

يبذل الناس من الطبقة الدنيا في فيلم «مُحَطِّم الثلج» كل ما في وسعهم للتقدم إلى الأمام، غير أنهم يضطرون لتحويل نظرتهم إلى اتجاه آخر في نهاية الفيلم. كما أن أفراد العائلة الفقيرة في فيلم «الطفيلي» يرغبون في الصعود على السلم الاجتماعي لكنهم يجدون أنفسهم يسقطون نحو الأسفل. وأثناء سيرهم على السلم للهروب من منزل العائلة الغنية بعد القتال الشرس مع عائلة أكثر بؤسا منهم، يتوقف الابن غي-وو عن الركض ويتساءل باستغراب «لماذا نضطر لخوض معركة ضد الذين ينتمون إلى طبقة أدنى منا؟».

وهكذا تشير السلالم التي تظهر في الفيلم إلى وجود قوة غير مرئية تجعل الفقراء والمحرومين في مجتمعنا يقاتلون بعضهم بعضا. ربما هذه القوة شيء لا يمكن رؤيته في أي مكان بل تتواجد في كل مكان من الفضاء الافتراضي مثل أجهزة الواقع الافتراضي التي تطوّرها شركة تكنولوجيا المعلومات العالمية التي يديرها السيد باك، وهو الأب في عائلة غنية. ولهذا السبب، يبدو أن فيلم «الطفيلي» الذي يراجع أحوال المجتمع في القرن الحادي والعشرين أكثر تشاؤما من فيلم «مُحَطِّم الثلج» الذي يتأمل القرن العشرين.

يولي المخرج بونغ اهتماما مستمرا بأزمة الرأسمالية العالمية والتغيرات الجذرية في سوق العمل ونتائج الأنشطة المعادية للبيئة. واليوم، تشهد البشرية هذه المشاكل لكنها لا تتعامل معها بشكل فعال لأن نظام اتخاذ القرار لا يزال مقيدا بالحدود الإقليمية على الرغم من أن دول العالم يرتبط بعضها ببعض عبر شبكة الإنترنت. ولهذا، لا تتوقف أفلام المخرج بونغ عن طرح سلسلة من الأسئلة التي تجعلنا نواجه الواقع وتظهر قلقه العميق تجاه مستقبل البشرية.

سونغ هيونغ-غوكناقد سينمائي

전체메뉴

전체메뉴 닫기