한국국제교류재단

درستْ "جيونغ داه-هيه" النحت في الجامعة وتخصصت فيه، ولكنها قررت في النهاية متابعة حرفة شَعر الخيل لاستكشاف جماله وإمكاناته الكامنة. فعملها هو ترجمة التراث الثقافي الذي برع به أسلافنا لعدة قرون بالشكل الجمالي المعاصر. وآتت جهودها أُكُلها عندما فازت بجائزة مؤسسة لويفي للحرف اليدوية لعام ٢٠٢٢.

سِلال شعر الخيل أنتجتها جيونغ دا-هيه وهي مستوحاة من الأواني الخزفية في عصر ما قبل التاريخ. يُستخدم في إنتاجها شَعر الخيل الأبيض والبني والأسود ويتسم بالنعومة والخفة والقوة، مما يمنع تَشوّه شكلها حتى لو كان الشكل ثلاثي الأبعاد.
التقديم: سولونا كرافت كوريا

في يوليو عام ٢٠٢٢ توافد العديد من الزوار على متحف سيول للفنون الحرفية، وكان ذلك بفضل الصور التي نشرها على إنستغرام المغني "آر إم"، قائد فرقة بي تي إس، المعروف بعشقه للفنون. فبعد أن شاهد "آر إم" معرضا خاصا للمتأهلين للتصفيات النهائية للفوز بجائزة مؤسسة لويفي للحرف اليدوية لعام ٢٠٢٢، قام بنشرها على حسابه في الإنستغرام، وكان أول الأعمال الفنية التي نشرها سلة "وقت الإخلاص" للفنانة جيونغ داه-هيه المستوحاة من الفخار ذي النمط المشطي في العصر الحجري الحديث.

سلة "وقت الإخلاص" للفنانة جيونغ دا-هيه الفائزة بجائزة مؤسسة لويفي للحرف اليدوية بدورتها الخامسة عام ٢٠٢٢. وقد أقام متحف سيول للفنون الحرفية عرضا خاصا لأعمال الحرفيين المتأهلين للتصفيات النهائية لهذه الجائزة في يوليو عام ٢٠٢٢.
التقديم: سولونا كرافت كوريا

وكما يوحي عنوان هذا العمل الفني فقد اكتمل من خلال العمل المخلص في نسج خيوط من شَعر الخيل لساعات طويلة. وقد توجت السلة بالجائزة الكبرى لمؤسسة لويفي للحرف اليدوية المرموقة عالميا، وهو تكريم لعمل واحد فقط يتميز بالأصالة والجدارة الفنية والروح الحرفية من بين الأعمال التي قدمها أكثر من ١٠٠, ٣ فنان من ١١٦ دولة.

تم التقاط صورة لثلاثين حرفيا متأهلا للتصفيات النهائية لجائزة مؤسسة لويفي للحرف اليدوية لعام ٢٠٢٢ من جميع أنحاء العالم في متحف سيول للفنون الحرفية في نهاية يونيو عام ٢٠٢٢.
التقديم: متحف سيول للفنون الحرفية

إن شَعر أعناق الخيل أو شعر ذيل الخيل هو مادة غير مألوف دخولها في صناعة الفنون لعامة الناس، ولكن جيونغ داه-هيه الفنانة الجديدة التي تبلغ ٣٣ عاما من العمر تنسج كل خصلة من شعر الخيل بجدٍ وصبر، لتصنع منها تُحَفا فنية بأشكال مميزة لا مثيل لها، فتقوم بإدخال خيوط شعر الخيل الشفافة والرقيقة مثل شعر الإنسان في إبرة لتصنع منها أشياء جميلة ومفيدة، مثل القلائد والقبعات أو فنون زخرفية أنيقة على شكل فخار تذكرنا بالقطع الأثرية.

ما الذي دفعك إلى الاهتمام بشعر الخيل وهو مادة غير مألوفة؟
كان شعر الخيل مادة شائعة في المجتمع الطبقي في مملكة جوسون(١٣٩٢-١٩١٠). وكان يستخدم لصنع قبعات مثل "غات" القبعة الرسمية السوداء التي كان يرتديها رجال العائلات النبيلة في الهواء الطلق، وكذلك "مانغ غون" عصابة الرأس السوداء، أو "تانغ غون" الطاقية السوداء التي كانوا يلتزمون بارتدائها دائما في منازلهم، وفقًا للعادات الاجتماعية النابعة من المبادئ الكونفوشيوسية، وكما كان شعر الخيل مادة شائعة تصنع منها أكمام الملابس وغيرها من الإكسسوارات.

كُمَّا الثوب اللذان صنعتهما الفنانة جيونغ باستخدام التقنية التقليدية. كان يتم ارتداء أكمام الملابس المصنوعة من شعر الخيل في الماضي لمنع تراكم العرق في الصيف.
التقديم: سولونا كرافت كوريا

كان أول لقاء لي مع شعر الخيل عام ٢٠١٧، حيث شاركت في مشروع نظمته المؤسسة الكورية لتصميم الحرف والفنون. وبعد ذلك تعلمت مهارات التعامل مع شعر الخيل من أستاذة مهارات "مانغ غون جانغ" حِرَفية صنع عصابة شعر الخيل للرأس، ومتدربة معتمدة في مهارات "تانغ غون جانغ" حِرَفية صنع طاقية شعر الخيل، وهما من الحرفيين المهرة في التراث الثقافي غير المادي الوطني.

أعلم أنك تخصصت في النحت في الجامعة. تبدو حرفة فن شعر الخيل بعيدة عن النحت، ما الذي جذبك إليها؟
عندما بدأت العمل مع شعر الخيل، كنت غير مستقرة للغاية. كنت قلقة كثيرا بشأن ما إذا كانت الدراسة في الكلية الدراسات العليا خيارا صحيحا أم لا، لأنني بدأت هذه الدراسة في أواخر العشرينيات من عمري. ولتغطية نفقاتي كان عليّ أن أعمل بدوام جزئي في عطلات نهاية الأسبوع، وأعمل مع شعر الخيل وأدرس خلال الأسبوع.

ولصنع جسم ثلاثي الأبعاد بشعر الخيل يجب ربط خيوطه القصيرة واحدا تلو الآخر، ثم نسجها بالإبرة بإحكام. لقد جذبني هذا العمل المتكرر والبسيط. عندما رأيت خيوط الشعر الواهية تتجمع واحدا تلو الآخر وتشكل جسما صلبا، اكتسبت الشجاعة والثقة في أنني أستطيع صنع ذلك أيضا.

من المثير للاهتمام صنع أعمال حرفية مفيدة بشعر الحيوان. يبدو ذلك بدائيا وصديقا للبيئة في الوقت نفسه.
عندما كنت أقوم بالنحت كان ينتج عن ذلك الكثير من النفايات، وهو أمر مؤسف دائما. أما حرفة شعر الخيل فلا ينتج عنها نفايات كثيرة، وحتى لو تم التخلص منها فإنها لا تضر بالبيئة، وهذا يعجبني حقا. والإطار المستخدم في نسج شعر الخيل مصنوع من الخشب الذي أنحته بنفسي.

هل يمكن أن تخبرينا بمراحل عملك؟
الأدوات التي أستعملها في عملي هي شعر الخيل والإبرة والمقص والإطار الخشبي، هذا كل شيء. وبداية العمل تكون باختيار شعر الخيل الناعم والموحد السماكة، ثم أصنع الإطار الخشبي بالشكل المطلوب. وبعد ربط شعر الخيل حول الإطار أنسج خيوطه بالإبرة بإحكام. بعد ذلك أقوم بمعالجتها الحرارية بالماء المغلي لتثبيت الشكل. وبعد تجفيفها في الهواء الطلق وفصلها عن الإطار يكتمل العمل. العملية بسيطة إلى هذا الحد.

سمعت أنك تنحدرين من جزيرة جيجو. هل شعر الخيل الذي تستخدمينه تحضرينه من هناك؟
أحد معارفي يدير مزرعة خيول في جيجو، وهو يجزّ شعر الخيل ويرسله إليّ من وقت لآخر، ولكن هذا وحده لا يكفي. لذلك أستخدم أيضا شعر الخيل المستورد من الولايات المتحدة والصين ومنغوليا وغيرها.

شعر الخيل مادة طبيعية. أليس من الصعب التعامل معها؟
يمكن استخدام حوالي ١٠ إلى ٢٠ بالمائة فقط في جزّة شعر الخيل. في البداية كنت أستخدم خيوطا لم تكن جيدة لأني اعتقدت أنه ليس من المستحسن أن أهدرها، ولكن شكل المنتج النهائي لم يكن مثاليا. والآن أصبحت قادرة على تمييز الجيد من الرديء من شعر الخيل، فأختار النوع الجيد منه إلى حد ما من خلال لمسه بيدي. ويؤدي العمل الذي يقتضي الجلوس طوال اليوم إلى إجهاد معصميّ وكتفيّ، وأعتقد أنه أمر لا مفر منه للفنانين الحرفيين.

يبدو أن العملية منقسمة إلى نوعين رئيسين؛ صنع أشياء يمكن استخدامها في الحياة اليومية مثل القلائد والزخارف المُعلّقة وأكمام الملابس، وتُحَف تشبه القطع الأثرية مثل الفخار ذي النمط المشطي. ما هو اتجاهك الفني؟
في البداية ركزت على تطوير السلع المفيدة والعملية، مثل القلائد والزخارف المعلقة. ولكن مع مرور الوقت شعرت بالأسف لأنني لم أقم بتجسيد ما استوحيته من شعر الخيل بشكل كامل. فاتجهت إلى التعبير بشكل أكثر فعالية عن قوة الجسم الثلاثي الأبعاد والسمات الفريدة لشعر الخيل، أي أنه يشع ضوءا مميزا عند إضاءته.

وتعجبني كثيرا القطع الأثرية التي تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، لأنني أشعر بأن أشكالها البسيطة تنقل القوة اليدوية ومهارة أولئك الذين عاشوا في العصور الماضية. لذلك أخذت أتساءل عن الكيفية التي يمكن أن أعبّر بها عن قوة شعر الخيل التي أشعر بها في الأشكال البسيطة وغير المزخرفة مثل الفخار ذي النمط المشطي، ومنذ ذلك الحين وأنا أركز على صنع أعمال بأشكال وأحجام مختلفة تشبه فن صناعة الفخار.

عندما رأيت على الواقع سلة "وقت الإخلاص" الفائزة بجائزة مؤسسة لويفي للحرف اليدوية، أدهشتني دقّتها كثيرا. كم من الوقت استغرق هذا العمل حتى يكتمل؟
هذا العمل عمل إبداعي صنعته على أساس شكل الفخار القديم. ونظرا لأنني كنت سأقدمه إلى مسابقة دولية، فقد أردت تجسيد تاريخ حرفة شعر الخيل التقليدية وجمالها، ولذلك استعرت جزئيا النمط المستخدم في "سا بانغ غوان" إحدى القبعات الرجالية في عهد مملكة جوسون. استغرقت العملية حوالي شهرين حتى تكتمل. إن العملية الشاقة رسالة مهمة تكمن في عملي. واخترت سلة "وقت الإخلاص" عنوانا له في السياق نفسه. يمكن نسج شعر الخيل بشكل ثلاثي الأبعاد من خلال بذل الجهود المخلصة يوما بعد يوم. وهذا هو ما أريد أن أقوله لنفسي أيضا؛ يجب العمل بجد كل يوم لعيش حياة بإرادة حرة ومستقلة بدون تدخل الآخرين.

هل كان هناك رد فعل لا ينسى من مشاهدي العرض؟
فوجئ الكثير من رواد العرض عندما عرفوا كم أبلغ من العمر. يبدو أنهم توقعوا أن أكون أكبر سنا مما أنا عليه، لأن هذا العمل انطلق من حرفة تقليدية. بدأت عملي بهذه الحرفة لأنني وجدتها ممتعة، ولكن أشعر الآن بوجود مَهمّة أو رسالة وطنية في عملي بخلاف ما كنت عليه في السابق، لأنني أرى أن اندثار أي حرفة من حرفنا التقليدية أشبه ما يكون بضياع قطعة من روحنا الوطنية. ونظرا لأنني ما زلت في أوائل الثلاثينيات من العمر، فسيستمر عملي في هذا الفن وفي هذه الطريق في العقود القليلة القادمة.

جيونغ دا-هيه تصنع منتجات إبداعية تُظهر الجماليات المعاصرة في حِرف شعر الخيل التقليدية ترتدي جيونغ "مانغ غون" عصابة الرأس السوداء التي كان يرتديها رجال العائلات النبيلة في مملكة جوسون لإبعاد شعرهم عن وجوههم. أعادت تصميمها كإكسسوار نسائي.
التقديم: سولونا كرافت كوريا

ما قيمة الحرفة الكورية في رأيك؟
المعيار الوحيد الذي أتبعه في العمل دائما هو "أنا". أهم شيء هو ما إذا كنت أنا راضية عنه، وما إذا كان يلبي معياري الخاص بي. رأيي في الحرفة الكورية يشبه ذلك؛ الشيء المثالي مثالي في أعيننا نحن، والشيء الجميل جميل في أعيننا نحن وبمعيارنا نحن، وليس بعيون الآخرين ومعاييرهم. وستجد الحرف الكورية في النهاية طريقها إلى السوق العالمية في رأيي، أليس كذلك؟