تخترق سلسلة من الجبال العالية الأرض قبل أن تغرق في البحر، روعة الطبيعة التي تشير إلى تباين مُدهش في خضم الحياة المتعبة للناس - وربما تكون هذه صورة محافظة كانغوون في أذهان معظم الكوريين. الشذى العطري لأزهار شجيرات التوابل، وأزهار الحنطة السوداء التي تتراقص في الحقول بلونها الأبيض تحت ضوء القمر، والمنظر البديع للشمس وهي تشرقفوق بحر الشرق، كلها صور ومناظر معهودة مألوفة للمحافظة، حتى لأولئك الذين لم يكونوا في المحافظة ذات يوم،حيث إن هذه المناظر قد صورها الناس بشكل متكرر في لوحات للأدب والموسيقى.
على المسرح البسيط تحت ضوء خافت، يَعْزف المغني على الجيتار ويبدأ بالغناء مترنما مدندنا أغنية «خمسمائة ميل» من قبل بيتر، وبول وماري. تهدأ الغرفة الصاخبة بشكل ثابت مع الغناء. وفي عتمة الغرفة، يحاول بعض الجمهور أن يكبح عواطفه وآخرون يبدأون بتلمس أعينهم. هذا مشهد من مقطع فيديو على اليوتيوب في مقهى في بلدة أمريكية صغيرة.
تصبح القصة أغنية من خلال التجريد والتوسيع. ففي أغنية «خمسمائة ميل» الأمريكية، تم تجريد تقلبات التاريخ الأمريكي- بناء السكك الحديدية، والحرب الأهلية، والكساد الكبير، والفصل الجماعي للعمال- تم تجريدها في قصة رجل متجول فقد عائلته ومسقط رأسه، والتي تم توسيعها لتلمس العواطف المشتركة والشاملة للأمريكيين.
قد لا يكون مدهشا تماما أو صعبا أن نتخيل أغنية تغرينا وتستهوينا لفترة قصيرة من الزمن، للتفاهم والتعاطف مع البشر في أقطار وثقافات أخرى، إذا كنا قادرين فقط على التخلي عن الكراهية. ونظرا لأن موضوع المقالة هو محافظة كانغوون فقد يكون من المفيد أن نستمع إلى «معبر هان غي ريونغ» التي ألفها «ها دوك - كيو» وغناها «يانغ هي – أون».
معبر إلى جبل كومغانغ
معبر إلى جبل كومغانغيشيع في الأدبيات الجغرافية مقارنة محافظة كانغوون بسويسرا. تماما كما أن معظم سويسرا تقع على جبال الألب، فإن محافظة كانغوون تمتد من جبل كومغانغ (التي تعني «جبل الماس»)، نزولا إلى جبل تيبيك وسط بيكدو ديغان، وهي سلسلة جبال تشكل العمود الفقري لشبه الجزيرة الكورية. وفي الأزمان القديمة، عندما كانت الزراعة هي الدعامة الأساسية للاقتصاد، لم تكن المنطقة مكانا طيبا جاذبا للعيش فيها. حتى أن كتاب «الدليل البيئي لكوريا» وهو كتاب في الجغرافيا البشرية يعود للقرن الثامن عشر من عصر مملكة جوسون، يصف المحافظة بأنها مكان تربته جرداء جدا وهي فقيرة بالمكونات الضرورية للزراعة بحيث أن سطلا «حجمه 18 ليترا تقريبا» من البذور يمكن أن ينتج فقط حوالي عشرة أضعاف هذا الحجم من الغلال. هذه الظروف مشابهة حتى لأيامنا هذه. ولهذا السبب، جزئيا، فهي قرى جبلية نائية تستخدم لتوفير ملجأ مثالي للمضطهدين اجتماعيا وسياسيا.
قد يكون من الأسهل أن نفهم الظروف الزراعية غير المرغوب فيها وذلك بتفحص الموقف في الماضي البعيد عندما كانت الحكومة المركزية تجمع الضرائب العينية. يوجد في هذه المحافظة مخزنان فقط للحبوب التي تجمع على شكل ضرائب، وهي كميات قليلة جدا بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى: وهذا كان أيضا صحيحا بالنسبة لحجم وعدد القوارب التي تحمل الحبوب للعاصمة.
علاوة على ذلك، كان هناك قانون الإعفاءات الذي سمح باستخدام الضرائب (الحبوب) التي تم جمعها ضمن المحافظة. وفي القرن السابع عشر، أصبح هذا الإعفاء تقريبا عديم الفائدة، وذلك عندما صدر قانون الضرائب الموحد على الأراضي وذلك لجمع الضرائب ليس حسب العائلة ولكن على الأرض بحسب حجمها، ويمكن دفعها على شكل أرز بدلا من الحبوب الأخرى. وبهذا القانون فإن الأعباء الضريبية على فقراء المزارعين والفلاحين قد نقصت بشكل كبير.
وفي الوقت الذي كانت فيه الطبقة الحاكمة تتألف من المثقفين الكونفوشيوسيين، الذين كانوا يعتبرون أن تمضية وقت في الجبال هو وسيلة تنقية وتطهير للانضباط الروحي، كانت محافظة كانغوون تعتبر شيئا أكبر بقليل من ممر إلى جبل كومغانغ الذي يقع الآن في كوريا الشمالية. لقد كان جبلا مشهورا جدا في الماضي بحيث كتب فيه الشاعر الصيني سو دونغبو «أتمنى لو أنني ولدت في كوريو (وهو اسم كوريا في ذلك الوقت) بحيث يمكنني أن أرى جبل كومغانغ». على أي حال، لم يكن الوصول إلى الجبل سهلا حتى بالنسبة للمواطنين في مملكة كوريو. فَلِكَي يقوم المرء بجولة حول الجبل على حمار أو على مِحفة أو كرسي محمول، كما كانت عادة النبلاء في ذلك الحين، كان ذلك يتطلب وجود أربعة مرافقين على الأقل، إضافة إلى ذلك، كانت الرحلة تستغرق تقريبا شهرا من سيول للوصول إلى أسفل الجبل، لم تكن مغامرة يمكن أن يجربها أي شخص ذي ثروة متواضعة.
في بونغبيونغ مسقط رأس الروائي "لي هيو1942 ( مناطق شاسعة - – سوك" ) 1907من حقول الحنطة السوداء، تماما كما هي فيقصصه. في كل سبتمبر عندما تصبح الزهورالبيضاء في أوج إزهارها، تقيم البلدة مهرجانإحياء لذكرى الروائي.
ومع ذلك، بقي جبل كومغانغ مقصدا محببا بين الرحالة المتميزين، والمثقفين والشعراء والفنانين، كل له مبرراته الخاصة به وذلك للحصول على صفاء ذهن فريد، وقد استمروا في زيارته. في النهاية، أصبح الجبل موضوعا شائعا لأدب الرحلات في فترة كوريا ما قبل الحداثة، وفي كثير من الأحيان بأوصاف مخترقة لمناظره الطبيعية وخصائصه الجغرافية، تتخللها بعض المشاعر الشخصية. ربما لهذا السبب، فإن «كانغ سي – هوانغ» الرسام الأدبي البارع في القرن الثامن عشر، أنكر هذا الاتجاه، قائلا، «لا بد أن زيارة الجبال هي تحول كبير لدى الأشخاص رفيعي التفكير، ولكن القيام بجولة حول جبل كومغانغ هو أتفه شيء يمكن أن تقوم به.»
بالطبع، ليست كل أوصاف الرحلة تقليدية. فإن «أغنية الرحلة إلى الشرق» وهي أبيات شعر لمسافر ألفها شخص مجهول من أواخر مملكة جوسون، تُصَوِّر بالتفصيل حياة الطبقة الدنيا التي شاهدها خلال الرحلة:
«عندما جئت لهذا الاتجاه من تشورون، نظرت إلىالجبال المتداخلة، التي فيها القليل من المنازلكان الناس يحرثون بصعوبة بالغة في الحقول الفقيرة، بمجارف مزدوجة تجرها الحبالكانت أماكن المبيت تفتقر إلى الوقود، يحرقون أغصان شجر الصنوبر للإضاءةالغرف مدفأة بشكل ضعيف بأفران من الفخار، والمدخنة مبنية في إحدى الزوايا.»
وبالنظر إلى أن 85% من الشعب الفرنسي في عهد نابليون في القرن التاسع عشر عاشوا في فقر مدقع، فإن الظروف المعيشية القاسية لمحافظة كانغوون في تلك الأيام لم تكن استثناء. ومع ذلك، فإن كاتبا كوريّا في فترة الاستعمار الياباني لكوريا في القرن العشرين وجد فقر شعب بلاده أمرا غير عادي.
"شلالات سامبويون" (شلالات ذات ثلاثبرك) من "الألبوم الذي ينقل روح البحر. والجبال" عمل "جونغ سون" سنة 1747صورة بالحبر واللون على الحرير مقاس:24.2 سم. على الرغم من أن ×31.4علماء مملكة جوسون الكونفوشيوسييناعتبروا محافظة كانغوون مجرد معبريؤدي إلى جبل كومغانغ، لكن في بعضالأحيان يمكن أن يبطئوا الخطى في أماكنجمال الطبيعة البديعة. مأخوذا بشلالاتسامبويون في تشورون في طريقه لجبل- الاحتفال، توقف هذا الفنان ( 16761759 ) لرسم المشهد.
زهور شجيرات التوابل وحقول الحنطة السوداءكان الروائي «كيم يو – جونغ» (1908-1937) أصغر طفل في عائلة غنية عايش جيلين في قرية شيلي في بلدة تشونتشون محافظة كانغوون. نما هذا الشاب متنقلا بين تشونتشون وسيول حيث تلقى تعليما خاصا بالنخبة. وفي سن الثانية والعشرين، عاد للإقامة بشكل دائم في مسقط رأسه البلدة التي تضم 50 عائلة أو ما يقارب ذلك. تغيرت ظروفه تغيرا كبيرا جدا، ذلك لأن والديه توفيا في وقت مبكر، وبدّد شقيقه الأكبر ثروة العائلة. ونظرا لأنه أصبح بلا مال يكفي للتعليم أو لنفقات المعيشة، وبسبب إحباطه في الحب وإصابته بمرض مفاجئ، لم يكن له بُدّ من العودة إلى بلده، على أمل ضعيف في الحصول على حصته حتى من خلال المحاكمة ضد شقيقه.
على أي حال لم تكن التركة المتبقية التي واست جسمه المنهك وعقله أموالا، ولكنها زهور شجيرات التوابل التي كانت تنشر اللون الأصفر على جبل كومبيونغ في أوائل الربيع، والأشخاص المنفتحون والأمناء من بلدته، خصوصا النساء الريفيات، اللواتي كنّ «خامات وخشنات، تماما كما صنعتهن الطبيعة»، «خاليات من أي مبالغة أو ادعاء.»
ومع تعافيه في مسقط رأسه بين السكان المحليين، افتتح مدرسة ليلية لشباب القرية في كوخ بناه على التلة خلف منزله. في يوم من الأيام أخبرته جارة له عن امرأة بائعة خمور متجولة كانت تسافر في المنطقة تبيع المشروبات الكحولية، وتمازح الزبائن الذكور، الذين كانوا يمكثون في بيتها لبضعة أيام قبل أن تختفي. واستلهاما لقصة بائعة الخمور المتجولة هذه، كتب «كيم يو – جونغ» أول قصة قصيرة له، «مسافر إلى القرية الجبلية» فأصبح روائيا وجعل من الرواية رسالة له لتصوير الصعوبات التي يواجهها الناس حوله.
أبطال قصصه هم مجموعة من الرجال الذين يشفق عليهم، من النوع الذي يلقاه في القرية: رجل محبط بسبب الزراعة، التي جعلته أكثر فقرا سنة بعد سنة، يخطط لإرسال زوجته لتصبح بائعة خمر متجولة. (رواية «الزوجة»)؛ شخص آخر يقرر بأن «من الأفضل أن نحفر الأرض لنبحث الذهب بدلا من كسر الظهر لمدة عام في الحقول للحصول على بضعة أكياس من الفول فقط (رواية «إيجاد الذهب في حقول الفول»)، ومع ذلك شخص آخر يتسكع من هذا الجبل لذاك الجبل، وزوجته الشابة تسير وراءه، يبحثان عن مكان لعيش أفضل «رذاذ المطر». ساعد تصويره الصريح وروح الدعابة التي تميّز بها، عند الحديث عن حياة أبطاله في إثراء الأدب الكوري في القرن العشرين.
وعلى الرغم أن عمل كيم كان مؤسسا على الوعي بأن الإفقار المتزايد للريف كان متأصلا في الحرمان الاستعماري الممنهج الذي أنتج أعدادا هائلة من المزارعين المستأجرين، فإن «لي هيو - سوك» (1907-1942) سعى إلى الابتعاد عن الواقعية عديمة القلب والغدارة، وبناء عالمه الفني الخاص به. وفي مقالته الموقعة منه التي تحمل عنوان «حرق الأوراق الساقطة» فإن هذا الروائي من قرية بونغبيونغ في بلدة بيونغتشانغ يشتم عبق حبوب القهوة المحمصة للتو في دخان الأوراق المحترقة، راسمة في ذهنه خطة لبناء شجرة عيد الميلاد وتعلم التزلج في الشتاء القادم. وقد كتبت هذه المقالة الشاعرية الملحنة في السنة الثانية من الحرب الصينية اليابانية (1937-1945) عندما كانت كوريا تعاني تحت الاستغلال الاستعماري الشديد.
وجدير بالملاحظة أن رأي «لي» في الأدب هو أن «امتلاك قوة سحرية للكشف عن جمال البشر، مهما كانوا مبتذلين أو محتقرين» كان واضحا إلى حد ما في الضغط الكثيف من سياسة نشر واستيعاب الثقافة اليابانية. في هذا السياق، ما زال من المفيد أن نراجع «موسم الحنطة السوداء» التي تعتبر، وعلى نطاق واسع، عملا فنيا رائعا من الأدب الكوري، ونتناول أين يكمن في مسار «لي» الأدبي من الواقعية ذات القلب المشطور في أيامه الأولى إلى ميله نحو الأدب كَفَنٍ جميل في سنوات حياته الأخيرة.
«كانت الطريق تبدو مُتَدَليِّة من خَصر التلة. كان الوقت بعد منتصف الليل وفي السكون الذي يحيط به، التقط «هوه» صوت تنفس القمر مثل حيوان يمكن الوصول إليه باليد، وسيقان الفول، وسنابل الحنطة غرقت في ضوء القمر، وبدت أكثر زرقة من المعتاد. كان وسط التلة كله مزروعا بالحنطة السوداء، والأزهار اليانعة هادئة كالملح تراقصت تحت ضوء القمر الناعم، مناظر تبهر الأنفاس. وكانت السيقان الحمراء للحنطة السوداء ناعمة رقيقة كنعومة الأريج، وكانت مِشية الحمار تثير الانتعاش.» (من «موسم الحنطة السمراء»).
للاحتفال بحياة هذين الروائيين وأدبهما، فإن محافظة كانغوون افتتحت بيت «كيم يو – جونغ» للأدب في قرية شيلي وقاعة «لي هيو – سوك» التذكارية في بلدة بونغبيونغ، حيث تم الاحتفاظ بمكاني ولادتيهما.
الطرق المائية والثلجية والسريعة
تسير العديد من الطرق الجبلية في محافظة كانغوون صعودا وهبوطا على ارتفاع يقارب 1000 متر. الجداول التي مصدرها الجبال العالية غالبا ما تصب في نهر هان. وحتى ثلاثينيات القرن الماضي، كان النهر يستخدم كممر مائي لنقل منتجات الغابات، ذلك لأن الطرق البرية كانت شديدة الوعورة. كان الخشب الذي يقطع من المناطق الشمالية في بلدتي «إينجي» و»يانغو» يجمع على نهر بوكهان (نهر هان الشمالي)، والخشب من المناطق الجنوبية مثل «جونغسون»، «بيونغتشانغ» و»يونغوول» يجمع على نهر نامهان (نهر هان الجنوبي)، لتربط كلها معا في أكداس خشبية كبيرة على طوافات وتجري في النهر المنحدر حتى تصل إلى سيول. كانت تستغرق يوما من «إينجي» إلى «تشونتشون» ومن ثم أسبوعا أو اثنين من تشونتشون إلى سيول. وللتخفيف من الإرهاق والملل، كان الرجال الذين يقودون الطوافات يغنون «أغنية الطوافات»، وهي نسخة من الأغنية الشعبية «أريرانغكانغوون» مع إضافات شعرية من عندهم على هذه الأغنية. كانت هذه الطوافات تحمل في العادة بورسلانا أبيض من النوعية العالية، وأعشابا طبية، وحطب الوقود من المنطقة حول «يانغو» و»بانغسان»لإرسالها إلى سيول.
.كان نهر بوكهان ممرا مائيا مهما للقوارب التي تروح وتغدو بين سيول و»تشونتشون». لقد استخدمت القوارب التي تحمل الملح من سيول أو الحبوب (الضرائب) من محافظة كانغوون هذا الممر المائي قبل إقفاله بالسدود لمحطة توليد الطاقة الكهربائية من مساقط المياه في أوائل الأربعينيات. وبدلا من الممر المائي المقفل، وصلت الكهرباء إلى المحافظة. وجدول «نيرين» الذي كان سابقا ممتلئا بصفوف من طوافات الخشب، يعج الآن بصدى وهتافات وصرخات الشباب الذين يستمتعون برياضة الطوافات النهرية.
وفي الوقت الذي ربطت فيه الطرق المائية المحافظة مع العالم الخارجي، فإن طرقها الثلجية عزلتها، وحرمتها التواصل مع الآخرين. حقا إن الحراثة في أرض يعلوها الثلج حتى ركبة المزارع أو الفلاح في الجبال تختزل صعوبة الحياة وجديتها وبؤسها كأكل الخبز المُبلل بالدموع. يعتبر الثلج استعارة مجازية لطريق مرهقة للتطور الروحي أو عودة الجرحى، وغالبا ما يستخدم في أعمال الأدب وأشكال الفنون الأخرى. في القصة القصيرة لـ»هوانغ سوك – يونغ» بعنوان «على الطريق إلى سامبو» فإن الأبطال الثلاثة الذين يرمزون إلى تيار التصنيع، يتجولون على الطرق الثلجية يبحثون عن مكان مجهول اسمه سامبو. يصف الفيلم «الطرق الثلجية» حول عودة البنات اللواتي أصبحن جوارٍ أو نساء متعة جنسية للجنود اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، يصف البنات اللواتي يمشين عبر الثلج في غابة شجر البتولا في إينجي مع قمم لا تنتهي لممر «ديغواليونغ» في الخلفية.
افتتح طريق يونغدونغ السريع جزئيا سنة 1971 قبل أن يكتمل سنة 1975 الطريق كله إلى كانغنونغ مارا بطريق «هوينغسونغ» و»بيونغتشانغ». منذ ذلك الحين، تحولت الممرات الجبلية لمحافظة كانغوون إلى طرق مشي لمتسلقي الجبال من المدن. وفي نفس الوقت، افتتحت بعض الشواطئ الساحلية الشرقية للعامة والتي كانت في السابق مناطق عسكرية محظورة. في السبعينيات كانت أغنية «صيد الحيتان» التي ألفها «سونغ تشانغ – شيك» وهي من الموسيقى التصويرية لفيلم «مشي الحمقى» الأغنية المحببة عند الشباب. كانوا يعزفونها على الجيتار ويغنونها من الجزء العلوي من رئاتهم. ويردد الكُورَس وراءهم. والآن، دعونا نذهب بعيدا إلى البحر على الساحل الشرقي. في ذلك الوقت، كان شيئا مترفا أن تذهب بعيدا إلى الشواطئ الشرقية تحمل بعض معدات التخييم، سواء في القطار البطيء الذي يتلوى في طريقه عبر الجبال، أو بالباص الذي يسير على الطرق السريعة المستقيمة.
في نفس السنة، اكتملت الطريق السريع، وافتتح منتجع «يونغبيونغ» للتزلج، كمركز للألعاب الشتوية. وفي الصيف الماضي أقيمت فعالية على أعلى المنحدرات للصلاة من أجل نجاح الألعاب الأولمبية الشتوية 2018 في بيونغتشانغ.
وبما أن كل الطرق التي تعبر محافظة كانغوون تنتهي في الساحل الشرقي، فإن بحر الشرقيعتبر بحرا غير عادي للكوريين، بل هو موضوع إيمان.
يضم الساحل الشرقيلمحافظة كانغوون العديد منالمناظر الطبيعية الخلابة التيتقدم مشاهد جميلة لشروقالشمس فوق البحر. بالنسبةللكوريين، البحر الشرقي ليسمجرد جسم من الماء، بلمكان رزين يذكرهم بعظمةالتاريخ، ومكان استرخاءيشعرون فيه بأنهم تخلصوامن قيود الحياة اليومية.
الطرق إلى بحر الشرق
في ديسمبر 2016، في إحدى مسيرات الاحتجاج على ضوء الشموع ضد رئيسة الجمهورية في ذلك الوقت، التي استقطبت ما مجموعه مليوني شخص، غنت المطربة «هان يونغ – آي» بصوتها الأجش «بلادي، شعبي» التي تبدأ «انظر، الشمس تشرق فوق بحر الشرق/على من تسلط الشمس أشعتها الحارقة؟/ علينا، الذين حققوا الطهارة النبيلة/في مسيرة الصراعات الدموية.»
كتب «كيم مين – كي» كلمات الأغنية في السبعينيات، الذي ألف أغنية الاحتجاج الأسطورية «ندى الصباح» وهو طالب جامعي. كتب تشوي إين – هو» «صيد الحيتان»، والذي كان روائيا شابا مشهورا. ومن المفارقة أن شعبية هاتين الأغنيتين تزامنتا مع بناء طريق يونغدونغ السريع، سواء كانت تعتبر رمزا للتصنيع الذي سرَّع التطور الاقتصادي، أو إنتاج الدكتاتورية التطويرية.
وبما أن كل الطرق التي تعبر محافظة كانغوون تنتهي في الساحل الشرقي، فإن بحر الشرق يعتبر بحرا غير عادي للكوريين. بل هو موضوع إيمان. ربما لهذا السبب كانوا يعبرون الممرات العالية لـ»بيكدو ديغان» مثل «هان غي ريونغ»، «مي سي ريونغ» و»دي غوال ليونغ» ليشعروا بالتخلص من إرهاق الحياة اليومية بالتمتع بمنظر البحر، أو السير خلال الليل في الطريق السريعة والتمشي حول الشاطئ لرؤية شمس رأس السنة الجديدة فوق البحر. انتهى الآن وقت الاستعداد، وحان وقت الاستماع للموسيقى.
مهرجان بيونغتشانغ الموسيقي والمدرسة يمنحان المهارة الثقافية لمحافظة كانغوون
ريو تيهيونغكاتب عمود موسيقى
أدت أوركسترا مارنسكي وشركة أوبرافي سان بطرسبيرغ، روسيا، بقيادة زوربيكغوغكيف، أوبرا بعنوان "حب البرتقالات الثلاث"في خيمة متحف ألبنسيا. وهي مبنية على دراماالقرن الثامن عشر لنفس العنوان للروائي الإيطاليكارلو غوزي، أديت الأوبرا في كوريا في مهرجان. بيونغتشانغ للموسيقى 20
أقيم أول مهرجان بيونغتشانغ الموسيقي والمدرسة (PMFS) في 2004 في منتجع يونغبيونغ للتزلج، وقد أصبح الآن مهرجانا موسيقيا بارزا. وقد تم بناؤه على نمط مهرجان أسبين الموسيقي والمدرسي في الولايات المتحدة، وتم تخطيطه كمعرض صيفي يقدم حفلات موسيقية كلاسيكية وبرامج تدريبية. مدينة أسبين هي مدينة أشباح للمناجم المهجورة وكان عدد سكانها حوالي 6000 نسمة، ولكن تم إحياؤها كمدينة مضيفة لواحد من أرفع المهرجانات الموسيقية الكلاسيكية في الولايات المتحدة منذ تأسيسها سنة 1949.
وكتقليد لنموذج أسبين، أطلق البروفيسور «كانغ هيو» من مدرسة جوليارد مهرجان بيونغتشانغ الموسيقي والمدرسة (PMFS) بالتعاون مع فرقة سيجونغ للعازفين المنفردين. في البداية، كانت الظروف أقل من مثالية. وكان على المسرح الرئيسي في قاعة قرية الثلج الاعتماد على الميكروفونات لإيصال الموسيقى بشكل جيد للجمهور. إضافة إلى ذلك، كانت هناك فعاليات أخرى تقام حول منتجع التزلج خلال نفس الفترة، مما أعاق التركيز اللازم على مهرجان الموسيقى. فعلى سبيل المثال، كانت نوبة صراخ لاعب الكندو تفاجئ الجمهور عند منتصف الحفلة الموسيقية.
وعلى الرغم من الصعوبات المبدئية، فإن مهرجان PMFS الذي أقيم على أراضٍ يبلغ ارتفاعها ما يقارب 700 متر جذب أعدادا متزايدة من محبي الموسيقى، مقدما لهم وقاية من حرارة الصيف وكذلك عروضا موسيقية متنوعة. لقد جذبت البرامج التي أعدت بعناية حول مواضيع سنوية متنوعة المجتمعات الموسيقية المحلية والدولية. كما شجع المهرجان أيضا التنوع الموسيقي من خلال أداء العروض العالمية الأولى، والآسيوية الأولى والكورية الأولى من الأعمال الموسيقية الرائعة المعروفة على نطاق أقل، وقدم أعمالا تجريبية مؤقتة إلى جانب المقطوعات الكلاسيكية الشهيرة.
وفي 2010، افتتحت قاعة ألبنسيا للحفلات الموسيقية، مما وفر مكانا مناسبا لأداء الموسيقى الكلاسيكية، وفي نفس السنة بيعت منتجات الحفلات الموسيقية لسلسلة الفنانين المتميزين. ولأن مشاهير الفنانين والأساتذة الجامعيين يدعون للمهرجان كل عام، فقد كان هناك أيضا تدفق متزايد من طلاب الموسيقى الموهوبين من جميع أنحاء العالم.
وفي 2011، حضر كل من «جونغ ميونغ – هوا» عازفة التشيلو و»جونغ كيونغ – هوا» عازفة الكمان كمخرجتين فنيتين، وقد أسهمت شبكة عملهم الدولية المكثفة بشكل كبير في زيادة حجم ومستوى المهرجان. ونتيجة لذلك، فإن النسخة الثامنة من المهرجان التي عقدت تحت عنوان «التنوير» جذبت عددا قياسيا بلغ 35000 شخص. كما تم أيضا تقديم برامج متنوعة لتشجيع مشاركة الجماهير مثل «الحفلات الموسيقية المتنقلة.»وقد ركز مهرجان هذا العام على الموسيقى الروسية تحت عنوان «الأساتذة الروس الكبار.» وقد قدم أوبرا عزفت وأديت في الخيمة الموسيقية، التي افتتحت في 2012، كحدث رمزي يشير إلى المهرجان، والذي اعتبر يوما من الأيام كصالة صغيرة لعدد محدود من الأدوات الموسيقية، نما هذا المهرجان ليستوعب حفلات الأوبرا الضخمة. وقدم عازف البيانو «سون يول – أوم» المدير الفني المشارك للمهرجان وموسيقيون آخرون شباب فرقا موسيقية جميلة أخرى أيضا.
لسلسلة الفنانين المتميزين لعام 2017 فيمهرجان بيونغتشانغ للموسيقى 2017 ، يعزفعازفو الشيلو "جونغ ميونغ – هوا" (من اليسار) في"قداس الموتى" من تأليف دايفيد بوبر مع عازفالبيانو "كيم تي – هيونغ".
ويقدم المهرجان دمجا للحفلات الموسيقية من كبار المؤدين البارزين مع تعليم لطلاب الموسيقى. كما يحضر الطلاب حصص الأساتذة الموسيقيين المشاهير الكبار مختلطين معهم في قاعات الحفلات الموسيقية، والمطاعم، والمقاهي، ومسارات المشي.
لقد نجح المهرجان في الحصول على دعم من الشركات والاحتفاظ بروابط معها. فقد قدمت شركة ياماها هذا العام 40 بيانو لزيادة قدرة غرف التدريب للمؤدين والطلاب. وكذلك قدمت شركات الطيران والأعمال التجارية المحلية، ومقهى تيراروزا دعما سخيا، وتضمن جمهور هذا العام أعدادا هامة من المخرجين من منظمات فنية محلية، جاءوا لقياس أداء المهرجان.
وفي شهر فبراير 2016، تم افتتاح مهرجان بيونغتشانغ الشتوي للموسيقى. ونظرا لأن المهرجان افتتح تحت رعاية وزارة الثقافة والرياضة والسياحة، ونظمته مؤسسة كانغوون للفنون والثقافة، فقد أُسِّس لتشجيع الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغتشانغ. وبتقديمه حفلات موسيقية وعزفا منفردا من قبل الفائزين في مسابقة تشايكوفسكي الدولية، وأداءات الجاز من قبل المطرب «نا يون – سون» وعازف القيثار أُلف بكينيوس فقد ركزت النسخة الأولى على توسيع نطاق الأشياء الأصلية وتحسين الحصول عليها.
لقد كان العديد من زوار المهرجان من السياح الذين جاءوا للتزلج في الجبال، وقد ذهبوا إلى الحفلات الموسيقية، وبشكل غير متوقع زادوا من مبيعات التذاكر في الموقع. ويتوقع أن تساعد مهرجانات الموسيقى الصيفية والشتوية التي تقام في الجبال الخلابة في بيونغتشانغ في إعطاء محافظة كانغوون اسما للتميز الثقافي وبيئة طبيعية نظيفة.
لي تشانغ – غيشاعر وناقد أدبي آن هونغ – بوممصورة
آن هونغ-بوممصور