تقع حديقة حجر جيجو في قرية جوتشون بجزيرة جيجو وتحتل مساحة واسعة تبلغ حوالي مليون بيونغ، وهو ما يعادل حوالي 3,3 كم٢. وهذه الأحجار جزء لا يتجزأ من طبيعة الجزيرة البركانية. لذلك يعتبر البعض وجود الحديقة الخاصة بالحجر في هذه الجزيرة أمرا طبيعيا ليس استثنائيا ولا غريبا. لكن، هذه الحديقة التي تعرض الآثار الفلكلورية المميزة لجيجو جاءت نتيجة جهود جبارة بذلها شخص صاحب نظرة ثاقبة.
تعرض حديقة حجر جيجو جانبا من أساطير الجزيرة وتقاليدها وتاريخها بواسطة اآلثار الحجرية.وقدمت البلدية المحلية أرض البناء وتحملت كل النفقات.أما السيد " بايك وون-تشول"فإنه تبرع بمجموعته الكاملة من اآلثار الحجرية والمواد الفولكلورية فضال عن المساهمة بأفكاره المبتكرة وخدماته كمدير للمشروع.
كان الشاب بايك وون-تشول يدرس الإخراج المسرحي في معهد سيول للفنون في أواخر الستينيات من القرن الماضي. رأى هذا الشاب عجائب الأشجار التي تعود إلى القرون الماضية خلال خدمته العسكرية في كتيبة هندسة تتخذ مقرا لها في أعماق الجبال بمحافظة كانغوون. حينذاك، كان يقتلع جذور الأشجار الميتة بكل عناية كيلا يلحق الضرر بأي جزء منها، كان حذرا جدا، لذلك كان يقضي أكثر من أسبوع لإنهاء عمل قد يستغرق يوماً واحداً بالنسبة لجندي آخر. وبعد انتهاء الخدمة العسكرية، واجه هذا الشاب الذي يحب جمال الطبيعة حقيقة مؤلمة في ذلك الوقت، حيث ظهرت تغيرات سريعة على خريطة كوريا تركت أضرارا بالغة على البيئة تحت شعار «حركة القرية الجديدة» المسماة أيضا بـ»حركة سايماوول» التي قادتها الحكومة.
في المسار األول من حديقة حجر جيجو، يمكن أن نرى هذا الحارس الحجري الذي من حت قبل حوالي ٠٠٣ عام.وهو من المواد الفولكلورية المهمة، ويسمى المتوقع أن يكون قد نُ "دول هاروبانغ"الذي يعني بالكورية " الجد الحجري."وله جميع سمات " دول هاروبانغ" كالعينين الكبيرتين والفم الصارم وقبعة الموظف الحكومي واليدين اللتين و ُ ضعتا مع بعضهما على منطقة البطن
حديقة الخشب والحجر
يقول بايك «كنتُ غاضبا لأن حركة تحديث المجتمع التي كانت تهدف إلى ازدهار الاقتصاد تركت آثارا مدمرة على البيئة، ولذلك، قررت أن أبذل كل ما في وسعي لحماية الطبيعة.»
وفي الوقت الذي كانت فيه الطرق تُنشأ أو تُدمّر بين عشية وضحاها، عاد بايك إلى جزيرته جيجو وبدأ يتجول فيها لجمع التحف الطبيعية التي تستحق المحافظة عليها وعرضها أمام الجمهور. وفتح بايك حديقة صغيرة في وسط مدينة جيجو وسماها بحديقة تامنا للآثار الخشبية «تامنا مونغمولوون»، وتامنا اسم قديم لجزيرة جيجو. وبعد مرور بعض الوقت، وسعها وغير اسمها إلى حديقة تامنا للآثار الخشبية والحجرية «تامنا موكسوكوون». ولقد أدرك بايك قيمة الطبيعة في وقت مبكر وأنشأ حديقة للأحجار والأشجار تروي الحكايات القديمة. في تلك الحديقة، عرض بايك قصة الحب لكابدول وكابسون باستخدام الأحجار والأشجار، وهي حكاية شعبية مشهورة أصبحت موضوعا للعديد من الأغاني الشعبية والأفلام. ولذلك، أصبحت الحديقة مكانا لا بد من زيارته للسياح الذين يزورون جيجو لقضاء شهر العسل فيها.
وقد أُدرجت هذه الحديقة الفريدة للآثار الخشبية والحجرية في قائمة أفضل ١٢ حديقة في العالم التي نشرتها «Monumental Annuel 2001: Jardins Historiques» الصادرة عن قسم الآثار المعمارية والثقافية التابع لوزارة الثقافة الفرنسية. لكن، بايك قرر أن يتخلى عن هذا المشروع الناجح للبدء بمشروع جديد. وقد وضع لمشروعه خطة جديدة عام ١٩٨٨، حيث زار باريس لعرض أعماله الفوتوغرافية. وخلال زيارته لباريس، أدرك أن هذه المدينة العالمية المشهورة بالفنون والثقافة تولي اهتمامات كبيرة لجمال جزيرته. ورجع إلى وطنه وهو يشعر بالخجل الشديد من جهله. بعد عودته، تعلم قيادة السيارة للتجول في الجزيرة بِحُرية وبدأ بجمع الآثار الفلكلورية والحجرية المهمة. وتصل المسافة التي قطعها خلال عشر سنوات إلى ١.٢ مليون كيلومتر. وفي يوم من الأيام، أثاره شيء ما وشعر بالدموع تترقرق في عينيه في وسط الطريق الساحلي الذي كان يسير عليه بشكل متكرر.
قال بايك «استحوذت عليّ الطاقة الروحية التي تبثها طبيعة جزيرة جيجو. وجدتُ في الأحجار المتنوعة التي شكلتها الحمم البركانية أثناء سيرها إلى البحر جمال الجزيرة التي وُلدت ونشأت فيها.»
وجد " بايك وون-تشول"من جديد في األحجار المتنوعة، جمال جزيرة جيجو وروحها التي و ُ لد ونشأ فيها.ويبذل اآلن كل ما في وسعه إلنشاء قاعة " سولمونداي هالمانغ"التي يأتي اسمها من اآللهة العمالقة التي تظهر في أسطورة الجزيرة.ومن المقرر استكمال بنائها في عام ٠٢٠٢
الأحجار .. وسردية الأساطير
بعد تلك اللحظة، قرر بايك أن يتخلى عن حديقته المحبوبة لإنشاء «حديقة ثقافية للآثار الحجرية الأصلية تعيش على مدى قرن». وعندما زار موقعا لإنشاء الحديقة الجديدة، اكتسب ثقة بأنه من الواجب أن يحمي هذا المكان من التأثير المحتمل الذي قد يجعله يتلاشى. واعتزم الشروع في إحياء «سولمونداي هالمانغ» هناك.
سولمونداي هالمانغ، تعني جدة سولمونداي، هي إلهة عملاقة قوية تظهر في أسطورة جزيرة جيجو. ووفقا للأسطورة، كان للجدة خمسمائة ابن أُطلق عليها اسم «جنرال الخمسمائة»، وتُوفيت سولمونداي هالمانغ بعد أن سقطت في القدر الكبير أثناء تحضيرها الشوربة لهم وسط موجة الجفاف الشديد. لقد وجد بايك في هذه البطلة الأسطورية المشهورة أصلا لنساء جيجو اللواتي يتحملن عملا قاسيا طوال حياتهن، فضلا عن الأمومة العظيمة التي يصل مداها إلى الحب الإنساني. واختار هذه الأسطورة كموضوع رئيس لحديقة حجر جيجو.
تبرع بايك بمجموعته الكاملة من الآثار الحجرية والمواد الفولكلورية إلى البلدية المحلية التي وعدت بشراء أرض تبلغ مساحتها 3,3 كم٢ لإنشاء الحديقة الجديدة وتحمل كامل التكلفة المحتملة. وفي عام ١٩٩٩، وقع على اتفاقية مع بلدية جيجو المحلية بشأن مشروع الحديقة لمدة عشرين عاما وأصبح مدير المشروع الذي يتولى التخطيط وإدارة المعارض والعروض. وعلى الرغم من أن بعض أجزاء حديقة حجر جيجو ما تزال تحت الإنشاء، فقد اُفتتحت الحديقة في عام ٢٠٠٦. وتحول المكان الذي كان يُستخدم لطمر النفايات إلى متحف. وعلى الأرض، بُني معرض جنرال الخمسمائة الذي يُستخدم أيضا مسرحا فضلا عن قرية من منازل تقليدية مسقوفة بالقش وكذلك الغابة للترفيه والاستراحة. لكن، لا تزال قاعة سولمونداي هالمانغ تحت الإنشاء ومن المقرر استكمال إنشائها في عام ٢٠٢٠. ولهذا، لا يزال بايك يعيش وحده في غرفة صغيرة داخل الحديقة لتطبيق أفكاره على المشروع.
يقول بايك الذي وصل إلى المرحلة النهائية لتحقيق حلمه الذي دام عشرات السنوات، «لا يفكر العنكبوت أثناء نسج خيوطه. يخرج الخيوط دون تفكير. وأنا كذلك.» وأضاف «آمل بعرض التاريخ في القاعة وتقديمه للأجيال القادمة. يُعتبر الفلكلور والأساطير والتاريخ هي من المصدر نفسه في الأساس. لأن هذه الفروع الثلاثة تنبثق عن أصل واحد. في جزيرة جيجو، يكون الحجر أساسا لكل شيء. نعيش ونموت على الأحجار. وفي الأساس، تتكون النجوم في السماء من الأحجار. لذلك، يمكن أن أقول إن الكون هو مجموعة من الأحجار.»
يحتوي اسم الحديقة على كلمتين «الحجر» و»الثقافة»، والمعنى الحرفي لاسمها الكوري هو «حديقة ثقافة الحجر»، لأن بايك رغب في التأكيد أن جميع المكونات للحديقة تمثل «ثقافة سكان جزيرة جيجو التي تقوم وتزدهر على الأحجار». يقول بايك بدون أي تردد: «آمل أن أكرّس ما بقي من حياتي لنشر السلام بواسطة الأحجار التي تتسم بالتأمل والشفاء. الأحجار هي كائنات روحية. في هذه الأيام، تسيطر المواد المادية على حياة الناس. لكن، من المهم أن نعرف أن هناك قيما غير مادية في العالم.»
لقد أشاد ريكاردو ليكوريتا المعماري المكسيكي الراحل بهذه الحديقة قائلا «أنا متأكد من أن مشروع بناء المتحف المليء بهذا الحجم من الأحجار كان تحديا كبيرا. لكن، أُنشئت هذه الحديقة بنجاح بالاستفادة من الخصائص الجغرافية لهذه المنطقة التي تقع في منتصف الجبل لتنسجم مع البيئة المحيطة انسجاما جميلا. وعلاوة على ذلك، فإن أسطورة سولمونداي هالمانغ مثيرة للاهتمام للغاية.»
كما أن ليونارد دي سيلفا المصور الفوتوغرافي الفرنسي عبر عن رأيه في هذه الحديقة قائلا: «تبث أحجار جيجو طاقة خاصة. أعتقد أن هذه الحديقة سوف تصبح أسطورة في هذه الجزيرة الحجرية مثلما حظيت التماثيل الضخمة في جزيرة القيامة بشهرة كبيرة رغم أن لا أحد يعرف أصلها.»
«نعيش ونموت على الأحجار. وفي الأساس، تتكون النجوم في السماء من الأحجار. لذلك، يمكن أن أقول إن الكون هو مجموعة من الأحجار.»
ني ٠٥ منزال وفي المسار الثالث من الحديقة، بُ تقليديا مسقوفا بالقش.ويمكن أن نرى حياة سكان الجزيرة في الماضي عبر هذه المنازل.ولبناء القرية، اُستخدمت المواد القديمة التي كانت مستعملة لحوالي ٠٠٢ منزل قديم.
الحجر الطبيعي الذي أخذ شكله الفريد من تصلب الحمم البركانية معروض في متحف حديقة حجر جيجو
حياة مكرسة لحديقة الحجر
يقول بايك وون-تشول إن موهبته في نظرته الثاقبة وعينه التي تلتقط الجمال. واعتقد أنه وُلد بِعْينٍ تلتقط الأحجار الكريمة من وسط النفايات وتحس بالمشاعر التي تظهر في وجوه الأحجار التي لا يستطيع معظم الناس إيجادها.
كما خلقت سولمونداي هالمانغ جزيرة جيجو، لقي بايك الدعم الكبير من امرأتين ليكون ما هو عليه الآن. أمه كانت قوية الإرادة وبَنَتْ مخزنا له تبلغ مساحته ١٠٠ متر مربع في بستانها لمساعدته على تحقيق حلمه. لم يقدّر الآخرون التقدير اللازم هذا الشاب الذي ليس لديه وظيفة معينة ويتجول في الجبال والحقول لجمع الأحجار. لكن أمه كانت شريكه وداعمه الذي قدم له الدعم كل الدعم ليفتتح المعرض الأول له. كانت أمه تحبه بشكل خاص ضمن أولادها السبعة. وكانت تصفق له بكل سرور عندما يجد ولدها المفضل حجرا جيدا. وغني عن القول إن زوجته دعمته بهدوء وأعطته ثقة بأداء مهمته.
يقول إن «جيجو هي جزيرة من الأحجار. وتشكلت «كوتجاوال»، غابة صخرية على منحدر جبل هالا، من أكوام الأحجار أيضا. وأما المناطق السكنية فأحاطت بها الجدران الحجرية التي يزيد مجموع أطوالها جميعها على طول سور الصين العظيم. وذلك يعني أن الجزيرة المغطاة بِطاقةٍ روحية تنبثق من الأحجار. وفي شتى أنحاء الجزيرة، تنتشر ٤٨ «دول هاروبانغ»، أي «جد حجري»، التي تُعتبر من أعظم كنوزنا. «دول هاروبانغ» هو تمثال من حجر البازلت، ولا يمكن إيجاد هذا النوع من التماثيل في أي مكان من العالم. عندما أرى العيون الصارمة للرجال الصخريين في الليل، أشعر بخوف شديد. ومنذ فترة طويلة، يُعتبر «دول هاروبانغ» حراسا للجزيرة ضد الغزاة اليابانيين. وعلى الرغم من أنني لا أعرف مَن صنع هذا النوع من التماثيل، فإنني يمكن أن أشعر بوجود الروح في كل تمثال.»
في الساحات الخارجية، يمكن أن نشاهد األدوات الحجرية التقليدية التي استخدمها سكان جزيرة جيجو، ومنها الرحى " ميتدول"وعماد البوابة الحجري " جونغجوسوك."وجمع " بايك وون-تشول"هذه المعروضات خالل عشرات السنين
ويضيف بايك «أرى ما وراء العالم البشري عبر دونغجاسوك، وهو تمثال حجري على شكل طفل أو طفلة.» ويقول»يمثل دونغجاسوك ودول هاروبانغ رمزا لجزيرة جيجو على نحو روحي وجمالي. لذلك، كلما صادفتُ قطعة تجذب نظري، بذلتُ كل الجهد للحصول عليها.»
ويبلغ حجم مجموعته التي تم نقلها من حديقة تامنا للآثار الخشبية والحجرية إلى حديقة الحجر الجديدة حوالي ٥٠٠ شاحنة. وبنى بايك قرية تتكون من ٥٠ منزلا تقليديا مسقوفا بالقش باستخدام المواد القديمة المستعملة لحوالي ٢٠٠ منزل قديم. وكانت هذه القرية موقعا لتصوير فيلم «جيسول» الذي يصف انتفاضة جيجو في عام ١٩٤٨ التي تُعتبر حدثا مأساويا في تاريخ كوريا الحديث سبّبها انقسام البلاد والصراع الأيديولوجي.
ويشرح بايك عن القرية قائلا: «أردت أن تكون القرية مكانا خاصا لتجربة الثقافة ونقل حكمة أجدادنا إلى الجيل الجديد. ولا أتمنى أن تكون مجرد نسخة عن القرية القديمة. آمل الحفاظ على ثقافتنا التقليدية لأطول فترة ممكنة حتى لو تلاشت في مكان آخر.»
في عينيه، تبدو الأحجار وكأنها غارقة في التأمل والتفكير وعيونها مغلقة برفق. سواء أكنتَ توافق أم لا، فإن حديقة حجر جيجو توفر فرصة مواتية للإحساس بالخلود. وهنا، تستطيع أن تشعر بأنك تنسجم مع الطبيعة متجاوزا حدود الوقت. وكذلك، يمكن أن تصادف في الحديقة رجلا يمشي على الطريق الترابي مرتديا قبعة قديمة ويبدو كأنه راهب طاوي في لوحة قديمة رُسمت باللونين الأسود والأبيض.
البيوت الحجرية.. وجه آخر لجزيرة جيجو
تولى المكتب الهندسي المعماري المعروف باسم " أركي بالن"تصميم متحف كيم تشانغ-يول للفنون.واستخدم هذا المكتب خرسانة مكشوفة مغطاة بطالء أسود لجدار المبنى الخارجي واستخدم األحجار الحقيقية من البازلت في بعض األجزاء، مما شكل صورة موحدة للمتحف
هل يمكن أن نرى جزيرة جيجو على أنها كتلة بركانية ضخمة؟ على الرغم من أن الجزيرة هي الجزء الجنوبي من البلاد التي تعتمد على الأرز للعيش، فلا تقدر أراضيها القاحلة على إنتاج الأرز. يمكن أن نجد الأحجار بسهولة في أي مكان من هذه الجزيرة. في الماضي، جمع سكان الجزيرة الأحجار السوداء التي تنتشر في شتى أنحاء الجزيرة واستخدموها لبناء البيوت والأسوار. واليوم، تقوم عدد من المصانع بالتنقيب عن الأحجار البركانية ومعالجتها وتوريدها إلى شركات الإنشاءات تلبية للطلب المتزايد عليها بسبب ازدهار قطاع الإنشاءات في الآونة الأخيرة.
ومنذ عشر سنوات، تشهد الجزيرة ازدهارا في قطاع البناء بسبب التدفق المتزايد للناس من البر الكوري الرئيس. وفي هذه الأيام، تحظى هذه الوجهة السياحية المشهورة باهتمامات كبيرة من الناس الذين يشعرون بالملل من حياة المدينة ويرغبون في الانتقال إلى مكان آخر. وفي جميع أنحاء الجزيرة، بُنيت العديد من المباني الجديدة ذات الخصائص الفريدة، ومنها مكاتب عامة وبيوت خاصة وفنادق لا حصر لها. وتشترك جميعها في سمة واحدة، ألا وهي استخدام أحجار الجزيرة البركانية الأصلية في البناء.
وعلى الرغم من المميزات التي تتمتع بها «أحجار جيجو»، فإنها ليست مناسبة لدعم هيكل المبنى. إذ تشكلت الأحجار البركانية بتصلب الحمم البركانية أثناء دفقها، مما ترك الكثير من الثغرات والفجوات فيها. وبالتالي، لا تستطيع الأحجار البركانية أن تتحمل وزن المبنى. ولذلك، غالبا ما تُستخدم هذه الأحجار في تزيين الجدران أو الأسوار أو الحدائق بغض النظر عن نوع البيوت. ولا تزال تُعد عنصرا جذابا يرمز إلى المناظر الطبيعية الجميلة لجزيرة جيجو.
" نولجاك"تحول من بيت تقليدي قديم يعود تاريخه إلى أكثر من ٠٠١ عام إلى فندق رخيص.وهذا الفندق معروف باسمه القديم، البيت الحجري للمخرج " هام"، افتتحه الحبيبان اللذان انتقال إلى الجزيرة عام ١١٠٢.وعلى الرغم من أن سقف الفندق األصلي تغير من القش إلى األردواز في سبعينيات القرن الماضي، فإن أسواره الخارجية الحجرية بقيت كما كانت عليه في الماضي
متحف الفنون .. يجسد جمال الحجر
إذا نظرنا إلى متحف كي تشانغ-يول للفنون من السماء، يبدو وكأنه مجموعة من الأحجار المربعة. وهذا المتحف اُفتتح عام ٢٠١٦ ويقع في قرية جوجي للفنانين ببلدة هانكيونغ. في البداية، يبدو المظهر الخارجي الأسود للمتحف كما لو كانت الأحجار السوداء اُستخدمت كمواد البناء. لكن إذا دققنا النظر عن كثب، سنجد أن جدران المبنى تتكون من الخرسانة المكشوفة المغطاة بالطلاء الأسود. قد يتساءل الزوار الذين أدركوا ذلك؛ «لماذا لم تُستخدم الأحجار الحقيقية التي تتوفر في جزيرة جيجو؟»
الجواب كما أسلفت قبل قليل، يكمن في أنّ الأحجار البركانية ليست مناسبة لصنع الإطارات التي تدعم المباني الكبيرة. وهي أيضا ليست مناسبة لبناء الجدران. ومع ذلك، يبدو أن المهندس المعماري رغب في تطبيق خصائص حجر جيجو على مبنى المتحف، لأن الأحجار تمثل جوهر العمارة المحلية.
ويمكن أن نعثر على هذه الرغبة في جميع أنحاء المتحف بسهولة. فالجدار الموجود بجانب المدخل مزين بأحجار البازلت الخشنة. والأسوار المنخفضة من الأحجار البركانية السوداء محيطة بالمتحف. وسقف المتحف مغطى بالقطع الصغيرة من الحجر البركاني. وذلك يجعلنا نشعر أن حجر الرخام الأسود الذي وُضع وسط البركة الكبيرة متشابه مع الصخر البركاني.
لقد نجح هذا المتحف في إظهار الخصائص التي تتميز بها الصخور الكبيرة التي تستقر في أعماق أراضي الجزيرة وتشكل مناظر فريدة في كل مكان منها. مما يعني أن المتحف أصبح رمزا لـ»الحلم البدائي للجزيرة».
يقول " كيم داي-إيل"مدير مكتب " فيغ.أركيتيكس"المعماري الذي تولى تصميم فيال VT " "Haga Escape بالتعاون مع مكتب " إيغبالنت فكتوري"المعماري إنه استخدم أحجار البازلت في تزيين األجزاء المتعددة من الفيال لكي يشعر زوارها بجمال المناظر الطبيعية لقرى الجزيرة عبر هذه الفيال
المنازل.. ودفء الحجر
بُنيت فيلا «VT Haga Escape» الفاخرة في بلدة إيول مؤخرا. وتتميز هذه الفيلا بالجدران الداخلية والخارجية المصنوعة من الأحجار البركانية. وعندما تجلس في غرفة الجلوس، يمكنك أن ترى الأسوار الحجرية التي تحيط بحديقة الفيلا. وهنا، يتمتع الضيوف بلحظة من الاستراحة والاسترخاء وهم يطلون على المناظر الجميلة لأسوار الحديقة الأنيقة التي تنتصب تحت السماء الزرقاء.
لقد أُنشئت هذه الفيلا بالإطارات الخرسانية. ولو بُنيت أسوار الحديقة من الإسمنت أيضا، لما حظيت الفيلا باهتمام المسافرين. وفيما يبدو أن صاحب الفيلا والمهندس المعماري اتفقا على بناء السور من المشاعر الدافئة باستخدام الأحجار القديمة والخشنة لكي يشعر الضيوف بترحاب وارتياح فيها.
وفي الوقت الذي تُظهر فيه فيلا «VT Haga Escape» ترجمتها الحديثة للجدران الحجرية التقليدية لجزيرة جيجو، فإن «البيت الحجري لمخرج هام»، وهو فندق رخيص اُفتتح عام ٢٠١١ في بلدة كوجوا، يعرض تاريخ الأحجار التي كانت ولا تزال جزءا من البيوت التقليدية منذ أكثر من مائة عام. وعلى الرغم من أن المالك الجديد غير اسمه مؤخرا إلى «نولجاك» الذي يعني «بطيئا ومريحا»، تبقى الإطارات والجدران والأسوار والحدائق للبيوت القديمة الثلاثة مثلما كانت في الماضي. ويختلط المسافرون والسكان هناك وأحيانا تقام حفلة صغيرة في الليل فيجتمع الضيوف مع بعضهم بعضا. وقد يذكرنا ذلك المنظر ببيت العائلة حيث يجتمع جميع أفراد العائلة خلال الأعياد الكبرى. ويقول صاحبه السابق إنه انتقل إلى هذه الجزيرة لكي يسكن في القرية التي له فيها ذكريات جميلة، موضحا أنه أراد الحفاظ على الشكل الأصلي للبيت القديم. وأعتقد أن ضيوف البيت قد يشعرون برغبته تلك.
لن ينسى الناس الذين وجدوا بيتا جديدا لهم في جزيرة جيجو، سواء أقاموا مبنى جديدا أو جددوا مبنى قديما، المناظر الطبيعية التي جذبت أنظارهم عند هبوطهم على الجزيرة. وهذا يعني أنهم لن ينسوا نظرتهم الأولى إلى الأحجار السوداء التي تغطي جميع أنحاء الجزيرة. فمنازلهم مليئة بجمال الأحجار السوداء الذي تم تجسيده بأشكال متنوعة في غرفة الجلوس وغرفة النوم والحديقة وغيرها من أجزاء منازلهم.