اتسعت الموجة الثقافية الكورية التي امتدّت من مسلسلات الدراما الكورية إلى منتجات مستحضرات التجميل مؤخرا. وتُسمى هذه الموجة الجديدة بـ»الجمال الكوري»، أو «كي-بيوتي». وتنال المستحضرات الكورية للعناية بالبشرة والتجميل شعبية هائلة من المستهلكين خارج البلاد لترتفع مكانتها في السوق العالمي. وتشهد صناعة مستحضرات التجميل الكورية اليوم نقطة تحول كبيرة.
عدد كبير من " متاجر الشوارع"والمتاجر الرئيسة للعالمات التجارية الكورية لمستحضرات التجميل في شارع ميونغ دونغ في وسط سيول، وهو وجهة التسوق األكثر شعبية بين السياح
لقد بدأت الموجة الثقافية الكورية التي تعني شعبية الثقافة الكورية في الخارج، وتُسمى أيضا باسم «هاليو»، في العقد الأول من الألفية الثالثة انطلاقا من شعبية مسلسلات الدراما الكورية في الصين واليابان وجنوب شرق آسيا، وتتسع هذه الموجة الآن لتمتد إلى بقية أرجاء العالم. وقد انضم البوب الكوري إلى هذه الموجة كمحرك قوي. ومؤخرا، أخذ العالم يشهد اجتياح موجة كورية جديدة ، هي موجة الجمال الكوري.
في مايو الماضي، استحوذت مجموعة لوريال العالمية لمستحضرات التجميل على العلامة التجارية 3CE لمستحضرات التجميل التابعة لشركة ستايل ناندا الكورية للأزياء والموضة مقابل ٤٠٠ مليار وون كوري، أي ما يعادل ٣٥١ مليون دولار أمريكي، بهدف التوسع في الصين، حيث تحتل العلامة 3CE المركز الأول من حيث الشهرة ضمن العلامات التجارية لمستحضرات التجميل في مجال الألوان. وفي السنة الماضية، اشترت شركة يونيليفر البريطانية الهولندية للسلع الاستهلاكية العلامة التجارية لمستحضرات العناية بالبشرة AHC التي تمثل شركة كارفير كوريا المحلية مقابل ٣ تريليونات وون كوري، أي ما يعادل ٢.٧ مليار دولار أمريكي.
وفي عام ٢٠١٤، ذكر مقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تحت عنوان «كوريا الجنوبية تصدر جمالها» أن المنتجات الكورية للعناية بالبشرة تجتاح السوق الأمريكية لمستحضرات التجميل التي كانت تهيمن عليها عادة المنتجات الأوروبية واليابانية.
انطلاق الموجة
انطلقت موجة الجمال الكوري في عام ٢٠١٤ تقريبا، حيث حظي « كريم بي بي» بشعبية كبيرة. وطورت الشركات الكورية لمستحضرات التجميل هذا النوع من الكريمات الذي اُخترع أصلا لاستخدامه بعد العمليات الجلدية، ليتحول إلى كريم شامل يستعمل بشكل يومي، ويؤدي ثلاثة أدوار، أي دور كريم الأساس ودور كريم الترطيب ودور كريم الحماية من أشعة الشمس. واحتلت منتجات مستحضرات التجميل المرتبة الأولى من حيث حجم التصدير الإلكتروني الكوري، مما يشير إلى النمو القوي لهذه الصناعة.
وحتى ذلك الوقت، كان الجمال الآسيوي، في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، مرادفا للجمال الياباني، وسبب ذلك أن العلامات التجارية اليابانية ذات التاريخ الطويل مثل شيسيدو وكانيبو وكوسي دخلت إلى هذه الأسواق في وقت مبكر، وكانت منتجاتها تُباع في المراكز التجارية الكبرى في نيويورك وباريس ولندن وميلانو. كما أن العلامة التجارية اليابانية الأخرى SK-II تمتعت بشعبية كبيرة بفضل حملات التسويق المكثفة التي أجرتها شركتها الأم؛ شركة بروكتر وغامبل الأمريكية التي كانت شركة منافسة ليونيليفر.
ومن ناحية أخرى، فإن العلامات التجارية الكورية لمستحضرات التجميل لم تكن تدخل إلى المراكز التجارية الراقية في العالم، وإذا نجحت في ذلك، فلم تكن تصمد على البقاء فيها مدة طويلة. وقد ظل هذا هو حال مستحضرات التجميل الكورية في الأسواق الأوروبية والامريكية، حتى مهد الاجتياح المفاجئ لـ»كريم بي بي» الطريق المؤدي إلى الأسواق العالمية. ونشرت مجلة فوغ الأمريكية ومجلة ألور للموضة وغيرهما من المجلات المتنوعة الأخرى مقالات خاصة، تشير إلى أن «كريم بي بي» الكوري الصنع متعدد الوظائف، يوحد لون البشرة، ويعطي لها المظهر الطبيعي، ويحمي من أشعة الشمس. وازداد الاهتمام بمستحضرات التجميل الكورية بظهور «كريم سي سي»، وتلاه ظهور الأقنعة المتنوعة للبشرة، وأصبحت هذه الأقنعة، على وجه الخصوص، رمزا جديدا للجمال الكوري، حتى لقد ظهرت شائعات بأن الكوريات يستخدمن قناعا كل يوم.
لقد أدى النجاح العالمي الذي حققته منتجات مستحضرات التجميل الكورية إلى تغيرات هيكلية في صناعة مستحضرات التجميل المحلية، إذ قفز عدد مصنعي وموزعي المنتجات التجميلية، وفقا لوزارة سلامة الغذاء والدواء، من ٣٨٨٤ شركة عام ٢٠١٣ إلى ٨١٧٥ شركة عام ٢٠١٦ وبعد ذلك، وصل العدد إلى ١٠٠٨٠ شركة عام ٢٠١٧. وطبقا لتقرير صادر عن دائرة الجمارك الكورية فإن صادرات مستحضرات التجميل في عام ٢٠١٧ ارتفعت بـ18.5 في المائة مقارنة بالسنة الماضية لتسجل رقما قياسيا جديدا بلغ أربعة مليارات و968 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل ٥ تريليونات و٢٩١ مليار وون كوري، ومن المتوقع أن يستمر زخم النمو في هذا العام. ويُعد هذا النمو أمرا هاما لا سيما بعد تباطؤ مبيعات مستحضرات التجميل الكورية في السوق الصينية نتيجة للتوترات السياسية التي نجمت عن نشر منظومة «ثاد» المتطورة المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية.
ومن المثير للاهتمام أيضا، أن شركات مستحضرات التجميل الكورية تبذل جهودها في مواصلة الابتكارات عن طريق المقاربة التكنولوجية، وهو اتجاه جديد ظهر مؤخرا. وظهرت أيضا «المستحضرات التجميلية الصيدلانية»، كمحرك جديد للنمو، وهذه المستحضرات تجمع بين مستحضرات التجميل والمستحضرات الصيدلانية. وما تزال منتجات التجميل الكورية تخطو خطوات رائدة تتجاوز وظائفها التقليدية، مثل تفتيح البشرة ومكافحة الشيخوخة مما يفتح الباب أمام موجات جديدة في المستقبل.
الأفكار والتقنيات
كان نجوم الموجة الثقافية الكورية قوة دافعة رئيسة وراء نجاح الجمال الكوري. وفي عام ٢٠١٤، ارتفع حجم تصدير أحمر الشفاه ومساحيق الوجه التي استخدمتها الممثلة «جون جي-هيون» في المسلسل التلفزيوني «حبيبي من نجم آخر» بشكل ملحوظ. وفي عام ٢٠١٦، نالت منتجات مستحضرات التجميل التي شاركت الممثلة «سونغ هاي-غيو» في الإعلانات التجارية لها شعبية كبيرة بعد بث مسلسلها التلفزيوني «أحفاد الشمس». وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت محاكاة نجمات فرق البوب الكوري مثل فرقة تويس وفرقة مامامو اتجاها جديدا بين النساء من البلدان المختلفة.
بالطبع ليس صحيحا القول إن كل الفضل في انتشار منتجات مستحضرات التجميل وزيادة الصادرات منها يعود إلى مشاهير الموجة الثقافية الكورية، ذلك أن القائمين على صناعة مستحضرات التجميل ساهموا مساهمة كبيرة في هذا النمو المدهش أيضا. وقد أكد خبراء في مجال مستحضرات التجميل أن قوة شركات مستحضرات التجميل الكورية تكمن في قدرتها على التطبيق السريع للأفكار والتكنولوجيا. كما أن التنوع في المواد من العناصر المهمة وراء النجاح العالمي للجمال الكوري. حيث تسعى العلامات التجارية الكورية لمستحضرات التجميل إلى إطلاق منتجات جديدة باستخدام مواد جديدة لم يتوقعها أحد. ومن الأمثلة الجديرة بالذكر قناع للبشرة من حليب الحمير الذي يُعرف بأنه يتشابه مع حليب الثدي البشري، ومستحضرات العناية بالبشرة من الأعشاب الطبية الشرقية والكريمات المرطبة من إفراز الحلزون.
علاوة على ذلك، هناك سبب آخر لنجاح العلامات التجارية الكورية في رفع حصتها في الأسواق العالمية بصورة مذهلة، حيث يشير تجار مستحضرات التجميل في خارج البلاد إلى أن قوة الجمال الكوري تكمن في الجودة المميزة التي تتحلى بها منتجات التجميل الكورية. ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى المستهلكين الكوريين الذين يسعون إلى شراء منتج ذي جودة عالية مقابل سعر مناسب، ومعايير المستهلكين الكوريين العالية تجعل شركات مستحضرات التجميل الكورية تبذل جهودها المستمرة في رفع جودة منتجاتها.
أكد خبراء في مجال مستحضرات التجميل أن قوة شركات مستحضرات التجميل الكورية تكمن في قدرتها على التطبيق السريع للأفكار والتكنولوجيا.
صناعة الجمال
لعب صناع مقاطع الفيديو المتعلقة بالتجميل في موقع « اليوتيوب» دورا أساسيا في نشر الجمال الكوري، وقد نمت تأثيراتهم تمشيا مع التحول في استراتيجيات التسويق لشركات مستحضرات التجميل الكورية. واليوم، تفضل الشركات المصنعة ترويج منتجاتها بالتعاون مع مدوني مقاطع الفيديو الذين يؤثرون تأثيرا كبيرا في الإنترنت أكثر بكثير من تأثير الإعلانات التجارية التلفزيونية التقليدية التي تتطلب الإنفاق الباهظ. وأما صناع المحتويات المشاهير في موقع اليوتيوب الذين يرغبون في زيادة تأثيراتهم في الأسواق الخارجية فإنهم يقدمون مقاطع فيديو خاصة بالجمال الكوري مع ترجمتها إلى لغات مختلفة، بما فيها الإنجليزية والصينية والتايلاندية.
ويتمتع صناع المحتويات من الدرجة الأولى بشعبية كبيرة بقدر ما يتمتع بها النجوم والمشاهير، فعلى سبيل المثال، يبيع نجوم اليوتيوب مثل ريساباي وسين وبوني منتجات بقيمة ١٠٠ مليون وون كوري خلال الدقائق الخمس الأولى من مقاطع فيديو البث المباشر التي يبثونها ضمن قنواتهم على اليوتيوب. كما أنهم يظهرون في الإعلانات التجارية للشركات الكبرى لمستحضرات التجميل مثل مجموعة أموري باسيفيك وشركة إل جي للرعاية المنزلية والصحية، ويتعاونون معها في الحملات الترويجية. وفي الآونة الأخيرة، ازداد عدد صناع المحتويات والمدونين الأجانب المشاهير الذين يصنعون المحتويات المتعلقة بطرق التجميل الكوري، نظرا لتأثرهم بأنشطة صناع المحتويات الكوريين المشاهير. إن المدونين وصناع محتويات التجميل لا ينتجون مقاطع الفيديو فحسب، بل إنهم يشكلون قوة دافعة كذلك وراء موجة الجمال الكوري. وإنه لمن المثير للاهتمام التعرف على مدى مساهماتهم في ازدهار الجمال الكوري في المستقبل.
إلى ذلك فإن البوابة الإلكترونية الكورية الرائدة «نيفر» تقدم محتويات التجميل عبر مدوناتها ومنصات الفيديو. وحاليا، ينشط نحو سبعة آلاف صانع محتويات وتسعمائة محترف في صنع المحتويات، منهم «لي سارا»، ملكة جمال كوريا السابقة التي تحولت إلى مؤثرة وفاعلة في مجال التجميل على البوابة الإلكترونية نيفر.
يحلم العديد من الشباب بالدخول إلى هذا المجال، في حين يوسع صناع المحتويات نطاق أنشطتهم باستمرار. وفي الماضي، اقتصرت الوظائف المتعلقة بالتجميل على فناني التجميل واختصاصيي التجميل. لكن اليوم يرغب الكثير من الشباب في أن يصبحوا صناعا لمحتويات التجميل. ونظرا لظهور هذا الاتجاه الجديد، فقد افتتحت عدة الجامعات أقساما ضمن كلياتها خاصة بصناعة المحتويات، وتوفر مدارس التجميل والبوابات الإلكترونية برامج تدريبية متنوعة.
ما وراء آسيا
تَرد على ألسنة المستهلكين في الخارج عبر اليوتيوب وفي رسائلهم على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة : «تستحق منا منتجات التجميل الكورية أن نشتريها، حتى لو اضطررنا إلى دفع المزيد من المال والوقت الإضافي للتوصيل الدولي». وذلك يشير إلى الزخم الذي اكتسبته العلامات التجارية الكورية لمستحضرات التجميل في الأسواق الخارجية.
إن منتجات التجميل الكورية تحظى بشعبية هائلة في اليابان التي تُعد ثالث أكبر سوق لمستحضرات التجميل في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وأشار تقرير من الجمارك الكورية إلى أن المبيعات المباشرة عبر الإنترنت لمنتجات التجميل الكورية في اليابان ارتفعت بـ٨٥٠ في المائة في الربع الأول من عام ٢٠١٨ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق لتسجل ٤٧.٨ مليار وون كوري. وفي الصين أيضا، ما زالت تنال منتجات التجميل الكورية اهتماما كبيرا على الرغم من الانخفاض الحاد في عدد السياح الصينيين إلى كوريا نتيجة للخلاف السياسي فيما يتعلق بمنظومة «ثاد». واحتلت المنتجات الكورية المرتبة الخامسة ضمن المنتجات المستوردة لعام ٢٠١٧ من حيث حجم المبيعات، وفقا لبيانات الاستهلاك السنوي التي يقدمها موقع «تي مول غلوبال»، وهو أكبر موقع إلكتروني صيني للتبادل التجاري الإلكتروني، حيث يتم بيع منتجات العلامات التجارية الأجنبية مباشرة إلى المستهلكين الصينيين. وعلى وجه الخصوص، كان هناك طلب قوي على أقنعة البشرة الكورية. ومثّلت مبيعاتها نحو نصف مبيعات الأقنعة الإجمالية التي بلغت حوالي ٧٠٠ مليار وون كوري في العام الماضي.
وتُعدّ فيتنام سوقا كبيرة واعدة لشركات مستحضرات التجميل الكورية، حتى بات يُطلق عليها اسم «سوق ما بعد الصين». وتمثل فيتنام سوقا مربحة بسبب أن ٧٠ في المائة من سكانها تحت سن الأربعين. وقد بلغت قيمتها حوالي ٢٥٠ مليار وون كوري في عام ٢٠١٧. ولهذا السبب، تتنافس فيها العلامات التجارية المتنوعة من عدة دول في العالم، بما فيها كوريا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وتستأثر كوريا بنصف السوق الفيتنامية.
قد تجاوزت موجة الجمال الكوري حدود آسيا لتصل إلى العالم الغربي، حيث ارتفعت صادرات مستحضرات التجميل الكورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في النصف الأول من عام ٢٠١٧ لتصل إلى ٤٣.٣ في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق لتبلغ ٢٧٠ مليون دولار أمريكي. والآن، يمكن أن نجد العلامات التجارية الكورية لمستحضرات التجميل في المراكز التجارية الكبرى في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية بسبب زيادة شهرة المنتجات الكورية ضمن تجار التجزئة العالميين.
إن ٧٠ في المائة من الأسواق الخارجية لمستحضرات التجميل الكورية تتركز في آسيا وفقا لإحصاءات معهد صناعة مستحضرات التجميل الكورية لعام 2016، حيث مثّلت الصين ٣٩.١ في المائة وهونغ كونغ ٢٤.٧ في المائة واليابان ٤.٦ في المائة وتايوان ٣.١ في المائة. وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية ٩.١ في المائة، وهو أعلى مستوى خارج آسيا. لكن، في الآونة الأخيرة، شهدت العلامات التجارية الكورية تغيرات ملموسة في الأسواق الأوروبية، وعلى وجه الخصوص، تحظى مستحضرات التجميل الكورية الطبيعية المصنوعة من المواد النباتية مثل الجينسنغ والشاي الأخضر والصبار باهتمام كبير من المستهلكين النباتيين الأوروبيين. ويستمر نطاق الجمال الكوري في الاتساع حتى يصل إلى أسواق أمريكا اللاتينية بفضل ازدياد شعبية فرقة بانغ تان وغيرها من نجوم الموجة الثقافية الكورية.إن سوق مستحضرات التجميل الكورية لا تشهد نموا كبيرا في الحجم فقط، بل إنها تشهد نموا كبيرا في النوع أيضا، والعديد من العلامات التجارية العالمية تستعمل سوق مستحضرات التجميل الكورية كسوق تجريبية، حيث تتمكن من تحليل ردود فعل المستهلكين تجاه منتجاتها بصورة فعالية. ومن المتوقع أن تؤدي كل من جهود الشركات الكورية المستمرة لصنع ابتكارات، واكتشاف مواد جديدة، ومساهمة صناع محتويات التجميل، وشعبية نجوم الموجة الثقافية الكورية عالميا ، إلى النمو المستمر للجمال الكوري في الأسواق العالمية لمستحضرات التجميل التي بلغت قيمتها حوالي 450 مليار دولار أمريكي عام ٢٠١٧.
سين.. خبيرة التجميل على اليوتيوب ورائدة في الجمال الكوري
تتمتع «سين» بسمعة طيبة باعتبارها مؤثرة وجريئة وطموحة في مجال التجميل. لكن، ما فاجأني أن هذه الشابة البالغة من العمر ٢٨ عاما تبدو هادئة جدا عندما أجريت معها مقابلة للمرة الأولى في سيول. ولكن، سرعان ما اتضح لي أن هدوء نجمة اليوتيوب هذا ناتج عن شعورها بالتعب فقط، لأنها قد رجعت للتّو من رحلة عمل ، زارت خلالها لوس أنجلوس لتصوير مقاطع فيديو خاصة بعيد الهالوين الأمريكي.
في السنوات الأخيرة، نال عيد الهالوين الأمريكي شعبية كبيرة بين الشباب الكوريين الذين يعتبرونه فرصة لارتداء الملابس غير العادية، والبحث عن هويتهم الثانية. وفي السنة الماضية، أنتجت «سين» سلسلة طموحة تحت عنوان «١٣ يوما لعيد الهالوين»، حيث عرضت المظاهر المخيفة المتنوعة مدة ١٣ يوما متتالية لـ1.6 مليون متابع لها على اليوتيوب. إنها تتنوع من قطة خجولة أليفة، إلى قطة ترتدي الشعر الفضي المستعار، وتغطي وجهها بظلال عيون براقة، وجواهر صغيرة لامعة، ووجه مهرج بشع بالأسود والأبيض.
ولعل سلسلة الهالوين خير مثال على ما يميزها عن بقية صناع محتويات التجميل على اليوتيوب، إن «سين» تقدم العديد من نصائح التجميل اليومية على اليوتيوب، ابتداء من طريقة اختيار أفضل منتج تجميلي لعلامة تجارية محلية، وحتى طريقة التجميل لالتقاط صورة شخصية لجواز السفر. كما أنها معروفة أيضا بتحولها إلى شخصيات مشهورة مثل المشاهير من الرجال والشخصيات الكرتونية.
قالت، «في الحقيقة، إنه من السهل أن أحول مظهري إلى مظهر رجل أو وحش. وبصراحة، أشعر بصعوبة عندما أحاول أن أكون جميلة.»
اسمها الحقيقي هو «باك سو-هي»، كانت تدرس الفنون في الجامعة عندما بدأت تحميل مقاطع الفيديو على اليوتيوب لإظهار قدرتها على تحويل شكلها الخارجي من شكل إلى شكل آخر. وسلطت الضوء على مستحضرات التجميل كأداة للتعبير عن الذات وليس كأداة لتجميل المظهر. وأوضحت: «عندما كنت في المدرسة الإعدادية، بدأت في البيت التجارب باستخدام مستحضرات التجميل. ورسمتُ على وجهي لأقلّد مظهر بعض الشخصيات في المسرحية الموسيقية «القطط» أو فيلم الرعب الياباني «جو-أون: الحقد».»
سرعان ما تحولت هوايتها إلى وظيفة بدوام كامل. والآن، تشارك في المشاريع الترويجية بالتعاون مع العلامات التجارية المحلية مثل «تو كول فور سكول»، وتظهر على شاشة التلفزيون، وتسافر إلى جميع أنحاء العالم.
وأعطى الانتشار المتنامي للبوب الكوري شهرة لها، وأصبحت نجمة الجمال الأكثر طلبا في الأسواق العالمية. واليوم، تتلقى «سين» دعوات كثيرة لاحتفالات البوب الكوري في الخارج، ومنها «كي-كون»، وهو مؤتمر ومعرض للبوب الكوري ينعقد سنويا في جنوب كاليفورنيا.
وأضافت، «في الأيام الأخيرة، أصبح مفهوم المؤثرين ظاهرة اجتماعية في جنوب شرق آسيا، مثلما حدث في كوريا قبل خمس سنوات. ودائما يكون الجمال الكوري جزءا من احتفالات الموجة الثقافية الكورية. لذلك، أنا مشغولة جدا بسبب العديد من رحلات العمل إلى الخارج.»
لا تزال «سين» تشعر بالدهشة بسبب مدى تأثير الجمال الكوري ومحتوياته. وقالت: «لقد عرفني الفرنسيون الذين كنت أقابلهم في شوارع باريس. شعرتُ بالاستغراب»، مضيفة «في هذه الأيام، يمكن أن نجد مستحضرات التجميل الكورية في متاجر سيفورا المعروفة عالميا. وتحظى المنتجات الكورية بشعبية كبيرة وأعتقد أن الفضل في ذلك يعود إلى محلات مستحضرات التجميل في الشوارع الكورية التي تبيع المنتجات ذات الجودة العالية بأسعار معقولة. من لا يحب ذلك؟»